الشيك الذهبي وشيك “البلاكاش”

مثلما أن هناك بند الساعات ،هناك بند الخواتم والمشالح، لكن بند الساعات هو أتعسها، فهو مربوط بالساعة من طرف واحد يتقلب بتقلباتها ،رقبة موظف الساعات معلقة بالعقارب، كان للساعة شنة ورنة ثم أصبحت تباع بالكيلو غرام في سوق البطحاء، ثم جاء بند الساعات ليوجد صيغة جديدة للرق، رقيق حنطي أو أسمر أرجو أن لا تكتب “دقيق”، ونحن في البرد والدقيق يزداد إاستهلاكه وينتج منه أكلات شعبية متعددة كلها من مصدر واحد، مثل موظف بند الساعات ينتج كل شيء بمكافأة واحدة ثابتة وبلا أية حقوق تماثل حقوق الموظف الرسمي الذي يجلس إلى جواره،
بند الساعات صيغة مؤقته تحولت إلى دائمة اعتمادا على “سوف” مثل كثير من “أفكارنا” وحلولنا.
قبل أيام عقدت في تبوك ندوة لأربعين شخصية من قيادات شركة الاتصالات تحت عنوان ” بيئة العمل وأثرها على الأداء”، تناولت دور “القيادات” الإدارية في إيجاد بيئة عمل “مثالية”.
“ياملح هالعناوين”!،.. بيئة مثالية و”دور” القيادات،صحيح دور عليهم يمكن تلقاهم.
مثل هذه الندوة هل طرحت موضوع حل وضع الآلاف من موظفي بند الساعات في شركة الاتصالات، إذا كانت القيادات تحصل فعلا على بيئة عمل مثالية، حسب قرارها الذي تنفذه بيدها، ويكفي أن لديها طيب الذكر الشيك الذهبي ذو الطعم الذهبي، فهل فكرت هذه القيادات في أوضاع هؤلاء الشباب وإلى متى وهم يعملون سخرة، وضع لا ترضى به أية جمعية للرفق…بالإنسان. شركة الاتصالات تحقق أرباحا “خرافية” بل و”بعارينية”، ليس لديها مشكلة مالية فلماذا الاستمرار في مص عرق الشباب، واستغلال حاجتهم للعمل بأبخس الحقوق في حين تتسنم القيادات على بند الخواتم والبشوت والشيكات الذهبية.
لقد تم استغلال حاجات الشباب والشابات عن طريق البنود للعمل في القطاعين الحكومي والخاص لكنه في الخاص أبشع ولازال مستمرا، فالموظف هنا معلق في الهواء عليه كل الواجبات وليس له أية حقوق، كان عقد موظف هذا البند في الاتصالات يوقع لثلاثة أشهر ثم أصبح لستة أشهر وهو يحصل في الشهر على مبلغ عشرين ريالا على الساعة، مقسم إلى التالي:
17ريالا واربعون هلله أجرة الساعة شاملة بدل النقل وبدل السكن!!!،ريال وثماني وثلاثون هلله تعويض إجازة!!، إثنتان وسبعون هلله، أكرر هلله.. تعويض مكافأة نهاية خدمة!!، نصف ريال فقط لا غير بدل علاج!!.
أعجبني نصف ريال بدل العلاج، فهو يشير إلى اهتمام بصحة الموظف في بيئة عمل مثالية، يظهر أنها بيئة عمل “تمثيلية”.
لا يحصل الموظف على إجازات فهو “فريره”، ماكينة، الإجازات الرسمية الحكومية تخصم من راتبه!، الإجازة المرضية غير معترف بها، موظف بند الساعات يجب أن لا يمرض ولماذا يمرض…وهل هو خط هاتفي!؟. في عرف شركة الاتصالات فإن موظف هذا البند داخل نطاق الخدمة في كل دقيقة من الساعة بعكس الجوال أو خدمة الأنترنت!.
كل موظف من هؤلاء الآلاف يعني أسرة سعودية، عندما ينبش كبار المسؤولين هذا الموضوع بعدما تصلهم الشكاوى يقال لهم أنهم من الطلاب، كأنها وظيفة جانبية لا يعتمدون عليها مصدر رئيسيا للرزق، وهذه معلومة غير دقيقة ،فليس كلهم طلبة، ثم حتى لو كان بعضهم من الطلاب هل يجوز هذا؟ أليس هناك طلاب يقومون بعائلاتهم.
حتى الخدمة لا تحتسب ، والدورات لا يحصلون على شهادات عليها ، وفوق هذا فإن موظف بند الساعات هو الذي يقوم بالعمل الثقيل، استقبال الجمهور في المكاتب والرد على هواتف الخدمة.
ولا يطلب هؤلاء شيكا ذهبيا ولا خشبيا لكنهم لا يستطيعون العيش بشيك “البلا..كاش” !، هم يطالبون بأبسط الحقوق الإنسانية..العمالية، واستمرار هذا الوضع نقطة سوداء كبيرة في جبين وزارة العمل التي لم تستطع حمايتهم، وهو أيضا نقطة سوداء أكبر في جبين قيادات شركة الاتصالات، وهو أمر لا يرضي الله تعالى وفيه ظلم واستغلال كبير.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.