كان من اللافت تعليق الرئيس الأميركي باراك أوباما على فوز قطر بتنظيم تصفيات كأس العالم 2022. حكم رئيس أعظم وأقوى دولة في العالم على قرار الاختيار بأنه «قرار خاطئ»، لكنه لم يحدد وجه الخطأ أو لونه. قد يكون قول أوباما جاء في معرض امتصاص غضب الأميركيين الذين خسروا الاستضافة، لكنه أخطأ. هذا التعليق يليق ببوش الابن أكثر، ويتطابق مع شخصيته بصورة أدق، ولو كان مجلس الأمن هو من يقرر الاختيار لكانت هناك نتائج أخرى، أو لكان تردد صوت الفيتو، وربما ذهب الاختيار إلى إسرائيل حتى لو لم تتقدم بطلب!
التعليقات الأميركية والغربية عموماً على فوز دولة قطر لا تخلو من سخرية مشبعة بالمرارة، اصطبغت بنظرة دونية، «الغارديان» البريطانية وصفت القرار بالمفاجئ «والصدمة خارج منطقة الشرق الأوسط»، لأن الاختيار وقع على دولة «لها سجل متقلّب في حقوق الإنسان» من وجهة نظر الصحيفة. أما «الإندبندت»، فعلّقت قائلة: «اللعنة على كأس العالم في روسيا عام 2018، وعلى تلك التي ستكون في الرمال والصحراء بعدها بأربعة أعوام في قطر، فهناك في الصحراء التي يغلي فيها البحر، سيتم بناء مجموعة من الملاعب التي سيتم تفكيكها لحظة اختتام البطولة في الحرارة الخانقة». وترى الصحيفة أن محدِّد الاختيار اعتمد على الأموال والاتصالات، ثم عَرَّجت إلى الحديث عن الفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم.
و«الصحراء التي يغلي فيها البحر» هذه هي قبلة الغربيين، مسؤولين ورجال أعمال وموظفين، ولهم فيها تعامل خاص، وسيحصلون «لا بد» على جزء من كعكة الخمسين بليون دولار التي تعتزم قطر استثمارها.
هل تعني ردود الفعل تلك غيرة أم حسرة؟ ربما، لكنها في أساسها صادرة من ثقافة الحجم والقوة، ورائحة العنصرية والفوقية فيها لا يخطئها الأنف.
يمكن للحجم، مثلما القوة «العسكرية أو الاقتصادية» أن يكونا – أو واحد منهما – مصدراً للاطمئنان والثقة، والحجم في العادة محدِّدٌ أساسٌ للمقارنات، لكن التجربة العالمية في الطموح والتطوّر تُخبِر أن دولاً صغيرة بمساحتها الجغرافية وبعدد سكان محدود أنجزت ما فشلت فيه دول أكبر مساحة وبعدد سكان ضخم، بل إن دولاً لا تمتلك موارد اقتصادية وتصنَّف أنها مفتقرة لها، صارت من أغنى دول العالم ليُضرب بها المثل، أيضاً يمكن أن تتحول مصادر قوة كالحجم إلى نقطة ضعف، الكثافة السكانية تتحول عاملَ ضغط سلبي، وكذا المساحة، ربما تصبح عامل جذب للأطماع الاستعمارية، في كل هذا المحدد الرئيس، في تقديري، هو الإدارة… وبكلمة أدق حُسن الإدارة، في استثمار نقاط القوة، الاستثمار السليم وعدم الركون إلى توافرها فقط.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
استاذي الحبيب ابواحمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
والله يابو احمد الويكليكس اللي عندي يقول ان ردة الفعل هذه مرتبة
لكن بدون مخدة ولا شرشف .. وفي كلتا الحالات قالوا لـ : جحا
حماتك تحبك .. قال لهم : ليش خير ان شاء الله اتجننت .. وشكرا
لست في وضع الدفاع عن كل الغربيين الذين أنتقدوا فوز قطر، ولكن لدي بعض الأسئلة أرجو أن تتقبلها بصدر رحب
هل كلام الشيخ قرضاوي أمس عن إنتصار أسلامي وصفعة في وجه أمريكا هو كلام مقبول؟ أم نفاق كالعادة
هل تنظيم البطولة يستاهل كل الرشاوي التي دفعت
هل قطر لديها ما يكفي من الخدمات الأساسية (تعليم طبابة) لكي تدفع هذا المبلغ في هذا المجال
أليس من الأفضل بناء جامعات أفضل من هارفرد ويال وبرينستون
لك أحترامي
سامي نحات