نانسي وهيفاء في التعليم التقني

لو كنت شاعراً لكتبت قصيدة بعنوان «الأسامي»، على وزن «الأماكن»، الأسماء لدينا لها قصة عجيبة لا في معانيها، بل في طرق استغلالها، نشرت «عكاظ» عن اكتشاف أسماء المطربتين نانسي عجرم وهيفاء وهبي في سجل المقبولات بالمعهد العالي التقني للبنات في حائل، تم قبول هيفاء ونانسي في دورة للتجميل، ذكرت الصحيفة أن مؤسسة التعليم التقني «الفني سابقاً» شكلت لجنة تحقيق، مشيرة إلى «مركزية نظام القبول الإلكتروني ومحدودية الأشخاص المشرفين عليه». وقد يذهب بال القارئ إلى البعد «الجمالي»، ومعهد للكعب العالي، حينما يربط بين دورة تجميل ونانسي وهيفاء، لكن مربط «الجمال… أو البعارين» ليس هنا بل في أن الأسماء التي تقبل تصرف لها مكافأة 900 ريال لمدة سنتين.
لا أستغرب استخدام أسماء الفنانات، إذ إن الأسماء لدينا «خلصت»، ألم تستغل حتى العظم في كثير من «القطاعات»، من شرائح الاتصالات إلى التوظيف الوهمي في الشركات «في إطار برنامج السعودة طيب الذكر… والأنثى»! ولم نقرأ قراراً واحداً يشهر بعقوبة واضحة رادعة لشركة أو لشخص يعمل في جهة رسمية استغل هذه الثغرة، كنت كتبت عن استغلال صور الأوراق الثبوتية، ولأنها «خلصت» تم الاستقدام.
وسبب تنامي الظاهرة تستر أجهزة حكومية معنية بالردع عندما برزت في التوظيف الوهمي، لذا من الطبيعي الوصول إلى نانسي وهيفاء، وما دام الأمر فيه مكافآت تقطر كل شهر، يمكن تخيل عدد الأسماء الوهمية في الوظائف الحكومية والتدريب والسعودة المستغلة من شخص أو مجموعة، وما يحصل عليه هؤلاء من أموال ولمزيد من «تحسير» الطفارى تخيلوا «التراكم التاريخي» من أيام التسجيل الورقي.
لا تندهش لو وجدت «أوباما» على الورق يتدرب بجوارك أو «شعبولا» زميلاً في العمل… أنت وحظك، تنامي ظاهرة استغلال الدعم بحجج التوظيف أو التدريب… إلخ، لها سبب وحيد أن لا شفافية هناك ولا مساءلة، بل «طمطمة» وحالات فردية.
شخصياً أشكر من حشر أسماء نانسي وهيفاء، أحسن الظن فيه، بل أشعر «مما بقي من الشعور» أنه ربما أراد التنبيه، كأنه رأى أمراً لم يستطع تغييره فأتى بقشة إعلامية، ستبقى قشة تطوح بها رياح الأخبار، ومؤسسة التعليم الفني «عود من عرض حزمة»، إذ تعودنا على تعليقات من نوع «ما شفت إلا هذا؟!».
أشغلت نفسي مع بعض المهتمين في البحث عن مواهب شبابية كوميدية، لحاجتنا إلى هذا اللون من التعبير، حالياً أكاد أصل إلى نتيجة أننا سنحقق الاكتفاء الذاتي منه، إذ تقوم جهات رسمية بالمهمة على الوجه الأكمل.