مدير التطفيش

بداية من رجب القادم سيتم رفع شرط نسبة السعودة في القطاع الخاص إلى 35%، ويقول الخبر الذي نشرته جريدة “الاقتصادية”، إن مكتب العمل والعمال بمنطقة مكة المكرمة أقر هذه النسبة، ولدي تساؤل يقول هل مكاتب العمل في المناطق تقر أو لا تقر السياسات؟، أم أنها تنفذها؟، ما أعرفه أنها تنفذ سياسات وقرارات الوزارة، ولكن الاقرار كما جاء في الخبر يبعث على التساؤل والحيرة، فإذا كان كل مكتب يقر ولا يقر فلتبشر بطول بطالة يا.. مواطن! ولنجاح الخطة وإضافة إلى رفع النسبة من المهم ملاحقة وفضح سعودة البيانات فقط، تلك التي تتم من خلال تأجير بطاقات الأحوال للاستفادة منها في شهر معين ترفع فيه الأوراق لمكاتب العمل، كما أن مكاتب العمل مدعوة لمتابعة وسائل الشركات في التخلص من الموظفين السعوديين وهم على رأس العمل، ومن ضمن الوسائل التي تلجأ لها مثل هذه الشركات للتسريح متى ما أرادت، ولأي سبب وجيه أو حتى شخصي ما يلي: الإجبار على توقيع العقود المؤقتة، الإغراء بمستحقات مرتفعة للخروج أو التقاعد، توقيع الاستقالات المبكرة بتواريخ مفتوحة حتى قبل التعيين، و.. التطفيش وهذا الأخير بحر زاخر بألف صنف وصنف من الطرق، وله جهابذة من المتخصصين وحدهم من يستطيع تنفيذها، والتخصص هنا يعتمد على الإمكانات الشخصية وهي إمكانات هدامة، وهذا الأمر لدينا لم يصل بعد لأن يكون مهنة، فقد امتهنه البعض بسبب تلك المزية التي أشرت إليها، وعلمت أنها مهنة من فيلم استمتعت بمشاهدته قبل شهر في القناة الخامسة الفرنسية، ويتحدث الفيلم عن شركة في وضع حرج يقرر أصحابها التخلص من قسم كامل من أقسامها، ولكن بوسائل قانونية، وفي هذا القسم قرابة ثلاثة عشر موظفاً، ويتم التعاقد مع متخصص في “التطفيش” يعين مديراً للقسم ثم يبدأ بوسائله الجهنمية مع كل شخصية من الثلاثة عشر موظفاً، وأول ما يبدأ العمل يختار أسلوب الوعد بالترقية لواحد منهم فيصبح هذا الأخير عينا ينقل له تفاصيل ما يحدث بين الموظفين، كما يتحول إلى قناة للضغط النفسي بالأخبار التي يسرّبها لهم عن طريقه، فهم يريدونه أن يتوسط لهم عند المدير الجديد وهو يريد أن يتقرب بهم له، ويستمر المدير الجديد بترصدهم مستخدماً أساليب لا يمكن توقعها لكنها قانونية، أو من غير شهود، فهو يروج شائعات عن بعض الموظفين ثم يسألهم أمام زملائهم عن حقيقة تلك الشائعات، ويفضح أموراً شخصية لآخرين ثم يعلن في اجتماع أنه لا يجوز الحديث عن الزملاء بهذه الطريقة، ويضغط على موظفة تتناول أدوية مهدئة حتى تخرج عن طورها، وهكذا يتساقطون الواحد تلو الآخر، وعندما تنتهي صلاحية الموعود بالترقية يقوم بطرده بصورة مهينة ويكتب في قراره أسباب طرده أحدها الوشاية بزملائه!!، ولا يصمد سوى موظف وحيد، في الجانب الآخر يبلغ الفيلم ذروته عندما تتركز الكاميرا في مشهد مقزز على جسد مليء بالقروح والدمامل والخراجات وعندما تبتعد الكاميرا نكتشف أن المريض هو المدير الجديد!، ومن الحوار نفهم أن زوجته لم تتحمله فطردته من المنزل، وهو يعيش في فندق وأدمن على الكحول ولم يعد لديه صديق واحد، ويقول له طبيبة الأستاذ في كلية الطب بعدما فحصه.. لماذا لا توافق على أن أقوم بعرضك أمام طلبتي، أنت نموذج لتحول العاهة النفسية إلى عاهة جسدية!، ويطالبه بتعلم المحبة، ثم ينصحه بترك هذا النوع من العمل. كم لدينا يا ترى مثل هذا المدير؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.