اتجاه القبلة (جهة الكعبة الشريفة بمكة المكرمة) في منطقة الرياض هو إلى جهة الغرب، لذلك نشأ مثل شعبي لطيف يقول “لا يكون مصلي بنا شرق”، والمقصود هنا إمام الصلاة، والمعنى ينطبق على المخطط ومن يقدم المعلومات لصاحب القرار، أو يحضه على اتجاه معين. والمثل يشير الى شكوك في صحة الوجهة، لكنه أيضاً يخبر أن الاكتشاف تم لاحقاً، بعد مرور وقت الصلاة، كأن يتبين لواحد من الجماعة أن هناك خطأً فيلتفت إلى إمامه قائلاً: “لا تكون مصلي بنا شرق”، عكس جهة القبلة تماماً. والقبلة من تمام شروط الصلاة ما دام بالإمكان تحديدها.
يتذكر بعض السعوديين تصريحاً ظهر في التلفزيون لأكاديمي تولى إدارة جامعة علمية مهمة، التصريح عمره سنوات طويلة، كان يرد على تحفظات حول استنزاف المياه الجوفية في السعودية، أعلن في التصريح عن توفر مخزون هائل من المياه تحت أرض الوطن، إلى درجة أن كمياته تتجاوز طاقة “جريان” نهر النيل بمئات المرات. لم أعد أتذكر العدد، لكني اذكر موجة التصفيق التي أحدثها ذلك التصريح، رسَّخت هذه المعلومة الخاطئة الإفراط في زراعة القمح وأحدثت تداعيات سلبية في النظر الرشيد والوعي الجمعي لقضية المياه، باختصار “ضربتنا” إبرة مخدِّرة لزمن طويل، وقتها كانت الكتابة عن قضية المياه وترشيدها من المقالات النشاز، وُصفت وقتها بالتشاؤم والتركيز على النصف الفارغ، طبعاً الكأس أو الكوب كان “مليان تصاريح”.
في نموذجنا، حالياً تضطر وزارة المياه السعودية الى حساب كمية ما يشربه الخروف الواحد من المياه للتحذير من الاستهلاك المفرط، وتعلن عن ذلك في الصحف..، وهو أمر جيد – مع أن في “نفسي شيء” بسبب موقفها من قضية تصدير المياه- ولو بيديها لوضعت رجلاً آلياً يتحكم بعدد مرات الاستحمام، ولأصبحت نكتة “هب يا السمكة” شعاراً “توعوياً”.
الشاهد أن النتائج أمامنا، إذ تمت الصلاة بنا شرقاً في قضية المياه، وهي قضية حساسة جداً، ولم نتنبه في الوقت المناسب، بل سارع البعض للتصفيق وبحماس، ما أسكت المتحفظين إلى حين، والمعنى أن فحص التوجهات لأجهزة حكومية من خطط وسقوف أحلام وربما وعود، أمر واجب في وقته، قبل ان يستفحل خطرٌ لا يمكن التنبؤ بدرجته، وكلما كانت “الزفة” كبيرة والنتائج على الأرض متلاشية تقريباً أو سلبية، كانت الحاجة أدعى لسرعة التحرك والفحص، وان نقطع الصلاة ونعيدها خيرٌ من الندم.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
اخي العزيز يقال ان الشق اكبر من الرقعة ووضع المياه يترنح من جميع النواحي إداريا وفنيا والشركات الفرنسية تضرب بالخمس في المال العام دون حسيب او رقيب والله من وراء القصد
استاذ يالحبيب ابو احمد اولا الحمد لله على سلامة الموقع
وثانيا المياه متوفرة والحمد لله في الارض وهذا فاروق الباز اللي يشتغل
في ناسا اكد مرارا وتكرار هذا الكلام وقال ان المملكة تنام على بحيرات
من المياه والاودية بس فين العالم اللي تشتغل على قولتك فجعونا وقالوا
لاتزرعوا القمح استنزاف لكن والله اذا قالوا لاتشربوا يصير استظراف
وهذا احلى الامرين وشكرا