شمعة عمر

توصف حكومة الدكتور أحمد نظيف رئيس وزارة مصر السابق بحكومة رجال الأعمال، يختصر الكاتب المصري صلاح منتصر الصورة بهذه الأسطر «المهندس رشيد محمد رشيد ويملك مجموعة من الشركات ورثها عن والده رجل الأعمال محمد رشيد وعُيِّن وزيراً للصناعة والتجارة، والمهندس أحمد المغربي صاحب استثمارات في مجال السياحة وعُيِّن وزيراً للإسكان، والدكتور حاتم الجبلي وهو شريك في ملكية دار الفؤاد وعُيِّن وزيراً للصحة، والمهندس أمين أباظة صاحب شركة أقطان وعُيِّن وزيراً للزراعة، وزهير جرانة صاحب شركات سياحية وعُيِّن وزيراً للسياحة، والمهندس محمد منصور ويملك شركات عدة لاستيراد وتصنيع السيارات والمواد الغذائية وعُيِّن وزيراً للمواصلات.» انتهى.
يشير صلاح منتصر في مقاله «القبس» إلى أن هذا التوجّه – أي اختيار رجال الأعمال – جاء من ابن الرئيس جمال مبارك إيماناً بمبدأ اقتصاد السوق. نظرياً فإن كل رجل من أولئك السادة الكرام في الوزارة المقالة هو خبير في القطاع الذي تولاه والدليل نجاح تجارته فيه، كأنها استراتيجية «أعط الخباز خبزه ولو أكل نصفه» لست أدرى؟ مع استدراك عن كمية طحين متوافر وعدد أفواه كبير.
ولا يمكن الجزم بفساد أحد وليس هذا من أغراض المقال، فالقصد هو التحليل ومحاولة التدقيق في أجزاء الصورة الحاضرة الآن لاستخلاص المفيد وحذراً مما يخبئه المستقبل في عالمنا العربي. الشجرة الكبيرة التي ظهرت فجأة في الساحات والشوارع المصرية لها بذور وجذور قديمة سنوات طوال وحكومة رجال الأعمال من ثمارها، وهي كانت تنمو أمام الجميع، لم يتوقّع أحد من رعاتها أن تسقط على أم رأسه، كان الأمل والطموح «ربما المستدام عملاً بالتنمية المستدامة» أن يستظل بظلها هو ومن حوله.
يمكن فهم تعيين رجال أعمال في وزارات دول لديها شفافية حقيقية، صارمة في تطبيق قانون من أين لك هذا؟ لكنه غير موجود سوى في الدول المتقدمة فهذا هو حقيقة التقدم، هناك تقوم سنة التدافع، التي نعلم عنها من كتاب الله العظيم القرآن الكريم، هناك في الغرب يتم التدافع بالآراء والحجج والوضوح، فلا تسيطر مدرسة واحدة أو رأي واحد على الاقتصاد أو السياسة تغطي شقوق بعضها البعض، هذا التدافع المنظم بالقوانين يقي تلك المجتمعات من التدافع بالأيدي والأسلحة، فتنحصر القلاقل لأقصى حد ممكن.
لا يعني هذا أن رجال الأعمال سيِّئون على الإطلاق، النفس البشرية ضعيفة كلنا ذاك الرجل، ولا يمكن المزايدة في هذا الجانب، إنما لا يصح وضع البنزين بجوار الكبريت، والحمل في عرين الأسد، من دون وقاية حقيقية، فعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه مات، ولم يظهر مثيل له في التاريخ العربي والإسلامي حتى الآن، هذا الرجل العظيم كان يطفئ شمعة المال العام ويوقد شمعة من خزانته الخاصة وقت النظر في أموره الخاصة.. القصة كلها يمكن اختزالها في شمعة عمر.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على شمعة عمر

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    ايش رأيكم استاذنا :
    نقرر مايلي :
    السماح بنسبة 10% من قيمة اي مشروع للمسؤل .. وتعطى له تحت بند
    (رشاوي – سرقة – يصلح اموره – يشتري لكزس للولد )
    المهم انه يعرف يصرفها بطريقته ..بس لايزود عن كذا .. واذا طلع بني
    ادم ويخاف من الله يلطش خمسة في المئة ويخلي خمسة في المئة يسوي
    فيها ثلادة يشربوا منها الناس ويكسب اجر يمكن يغطي الذنب اللي ارتكبه
    بحق المجتمع اللي تغرقه فاتورة كهرباء ومطرة ربنا ومن جرف لدحديرة
    ياقلب لاتحزن .. والا احزن الحزن طيب .. ان شاء الله بكرة تفرج يابو احمد
    رجال اعمال ولا رجال فضاء .. يقول المثل وانت بكرامة ومن يقراء ذيل
    الكلب عمره ماينعدل .. وسامحونا بس السلام عليكم .

  2. حياك الله)أستاذ/عبدالعزيز
    جميل جدآ الموضوع والأجمل شمعة (عمر.رضي الله عنه)..
    جدآ عجبني الموضوع ..وكما تعودنا منك .هو ليس أبداع وليد اليوم إنما أنت دائمآ تتلمس الأوتار الحساسة في مقالاتك.الحكيمة..الله)يعطيك ألف عافية..ودمتم لمحبينك..

التعليقات مغلقة.