يا جماعة القضية ليست «فايسبوك»

أحاول معكم فهْم المتغيِّرات من حولنا واستيعابَها، وهي من السرعة بصورة تصعب معها إمكانية التحليل، لكن الرسائل واضحة المعالم، ولا أزعم أني مدرك لأبعادها كليّاً، إنما هناك ما هو أوضح من خيوط الشمس، لذلك فإن التهوين منها، بتوقُّعِ أنّ هناك ما يشبه «حزب الفايسبوك» وأنه لا بد من التعاطي معه، أمرٌ مضلل لصاحب هذا التوقع قبل غيره، فالفايسبوك – وأيُّ وسيلة تواصل وإعلام أخرى في الإنترنت – جَمَعَ أصابعَ تحولت يداً ساهمت في تغيير جذري في مصر وتونس، وتوقُّعُ أن تفعل الفعل نفسَه في بلاد أخرى أمر قائم. لكن حصرها في الفايسبوك وأمثاله من صفحات الإنترنت خطأٌ، لأنه رأس جبل يمكن تخمين عرض قاعدته.
القضية باختصار، أن حاجاتٍ ومطالبَ، كانت تُنشر وتروى وتُكتب في الصحف وتظهر في أجهزة التلفزيون أحياناً وفي خطابات نسميها «معاريض»، القضيةُ هي عينها وأمُّها وجَدَّتُها، تتلخص في قائمة طويلة (لاحظ تتلخص وطويلة!)، من عدم توافر وظيفة محترمة لعاطل وعاطلة، إلى سرير أو موعد «مفيد» في مستشفى، ومَقعد في مدرسة وطائرة، وتمييز بين موظفين، وإطالة أمد قضايا حقوق، وطريق أو جسر منشأ حديثاً يتضح أنه مهترئ ولا يحاسَب مقاولُه ولا من استلمه، ومنشآت بالملايين يثبت أنها تشبه الكراتين. القضية في إقناع الناس بأن ما يُصرف يذهب إلى المشروع المناسب بالتكلفة المعقولة، وأن الرجل المناسب هو في المكان المناسب، طبعاً الرجل المناسب لتحقيق المصلحة العامة. القضية في تفعيل الشفافية والمحاسبة وتحديد المسؤولية وحقيقة الإنجاز من نقيضه.
لذلك، اكرر القول، وأجري على الله تعالى، يا جماعة الربع، الفايسبوك مظلوم، إنه أداةٌ، مثل سيارة يمكن استخدامها لنجدة مريض أو لجريمة تفجير، حسب البيئة والهواجس ونوع خصوبة الأرض. أستعين هنا بحسينوه – ما غيره – عبد الحسين عبدالرضا الممثل الكويتي الشهير في مونولوغ مع الممثلة سعاد العبدالله، كان يعاتب أمه قائلاً: «والله ما قصرتي يا يمه فحصتي لي أمينة، البودي كله تفحصينه وتخلين المكينة»! والمسألة في الماكينة لا في وجه أمينة ولا طول شعر رأسها او رموشها، الماكينة التي لا بد لها من فحص وإصلاح من ميكانيكي ذي كفاءة عالية شرط ألا يكون لديه وكالة لقطع الغيار أو «حوش» تشليح!
***
لفت نظري لقاء في «الحياة» مع نائب محافظ مؤسسة التدريب المهني والتقني، استخدم فيه كلمة «عبط»، ومع أن «العبط» موضوع لمقال ساخر لذيذ، أتركه الآن لأذكّر بحالة لمواطن كتبت عنه في عام 2008 بعنوان «ورشة في الربع الخالي»، وهو من الخرّيجين «المخضرمين» لمراكز التدريب المهني، ولأن أحواله لا تزال «على طمام المرحوم»، وحتى لا يقتنع طلبة المراكز بأن مشوارهم عبط في عبط، أذكّر به لتشمله برامج تعلن عنها المؤسسة على الجسور والكباري.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على يا جماعة القضية ليست «فايسبوك»

  1. أبو بسام كتب:

    حالة السخط موجودة منذ سنيين مضت و لكن أتت وسيلة تضمن كشف مسببات هذه الحالة أولاً بأول و كأنها شريط إخباري (غير موجّه) و كذلك التنسيق المباشر مما ضمن اتقاد الجذوة بشكل مستمر و مؤثر.

    ماذا سيكون الوضع إذا كان هذا الرأي هو منطلق صاحب القرار في التعامل مع حالة السخط عند الناس؟

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    اترك عنك يابو احمد اليوم الفيسبوك .. واسمع المصائب اللي بدأت
    تطلع .. وزير زراعة سابق من اشقائنا واحباءنا واخواننا المصريين
    الان في قناة الحياة .. ( ايش الحلاوة هذه .. قناة الحياة .. صحيفة الحياة)
    كله حياة في حياة .. المهم يقول : ان الخصخصة لستة شركات مصرية
    زراعية .. اضافة الى الفزاعه التي كان يطلقها بعض المنتفعين والفاسدين
    من ان زراعة القمح في مصر تستنزف الموارد المائية وان تكلفة استيراده
    من الخارج اقل من تكلفة زراعته .. المهم الادمي الوزير كان شوية
    يبغى يخرج من البدلة اللي لابسها وهو يقول تستنزف ايه امال مية النيل
    دي كنا حنعمل بيها ايه !!!!!!!!!!!!!! وقال بالحرف الواحد انه قدم مشروع
    للرئيس مدروس ووفق اليات انه بامكان مصر انها تحقق الاكتفاء الذاتي
    من القمح في غضون خمسة سنوات وبعد تقديمه للمشروع بخمسة شهور
    تم اقالته !!!
    اما موضوع الخصخصة فيقول طيب الذكر الشركات التي تمك خصخصتها
    شوفوا اسهمها راحت لمين وانتم تعرفوا حجم الفساد اللي كان حاصل ..
    قبل الخصخصة كانت الستة شركات بتأكل مليون ومائتين الف عائلة
    اليوم بعد الخصخصة مائة الف عائلة بس هي المستفيدة ومن المقربين
    لذوي النفوذ ونعود لموضوع استيراد القمح .. يقول الشركات اللي بتستورد
    القمح شركات بتاعت مين وبالورقة والقلم جاب الارباح خلال خمسة سنوات
    فقط يابو احمد .. ومن زمن واحنا نقول ان الخصخصة ماجابت الا نكبات
    الله لايبارك في اللي فنها علينا .. والزراعة الان الامطار اللي حطت عندنا
    تسقي قارة ماهو بلدنا اللين طفحنا وغرقنا .. والى الان نستورد جزر
    والفيسبوك ماهو العلة العلة في الفساد وبس وشكرا

التعليقات مغلقة.