تسونامي أميركية

سياسة الإدارة الأميركية في التعامل مع القضية العراقية، ليست سلسلة من الأخطاء الكارثية فقط، بل حلقات من الفضائح، فقد تلاشت فضيحة سرقة الآثار العراقية، بعد الكشف عن فضيحة امتحان البشر في سجن أبو غريب، من قبل قوات الاحتلال الأميركية، ثم جاءت فضيحة قتل الجرحى العزل في المساجد، وقبل هذا كله تعاملها الحنون والمشجع مع الصلف الإسرائيلي.
لكننا الآن أمام فضيحة جديدسة، قتل بسببها عشرات الآلاف كان من الممكن تحذيرهم وإنقاذ بعضهم على الأقل، فقد نقلت صحيفة “الوطن” خبراً على صفحتها الأولى يوم الجمعة الماضي، يقول إن الخبراء الأميركيين العاملين في “الإدارة الاميركية الوطنية للمحيطات والأجواء”، أبلغوا مسبقاً القاعدة الأميركية في “دييغو غارسيا”، عن خطر الزلزال والمد المائي قبل وقوعه، لكن المسؤولين في القاعدة العسكرية الأقرب لمنطقة الكارثة لم يكلفوا أنفسهم الاتصال بالحكومات الآسيوية، واكتفوا برسائل إلكترونية لم يتأكدوا أنها وصلت وتم الأخذ بها. وتنقل الصحيفة هذا الخبر عن عالمين أميركيين هما “سارة فلاوندر”، و”داستين لانغلي”، يعملان في المركز الدولي للعمل في الولايات المتحدة، وإن صح هذا الخبر، فهو فضيحة مماثلة لكارثة تسونامي، وهو يفسر التغير السريع في تعامل الإدارة الأميركية مع الكارثة، والحماسة التي بدأت بعد أيام من الكارثة المروعة، حتى أن هيئة الأمم المتحدة اشتكت من عدم تنسيق الجيش الأميركي معها في تقديم المساعدات، ما سبب إرباكاً لوصول هذه المساعدات للمنكوبين، وهو يفسر أيضا هجوم بعض وسائل الإعلام الأميركية على كثير من الدول، خصوصاً دول الخليج العربي واتهامها بالبخل.
لماذا لم يتم التحذير يا ترى؟
هل هناك مشروع لإعادة إعمار تلك الدول مثيل لإعادة إعمار العراق، وتكبيلها بديون جديدة؟ هل تحاول الإدارة الأميركية الاستفادة من تسونامي مثلما استفادت من زلزال 11 سبتمبر؟، ليس معروفاً السبب حتى الآن، ومن غير المقبول أن يكون إهمالاً، والدول الغربية وعلى رأسها واشنطن تحذر رعاياها كل يوم من أخطار أقل شأناً.
الرد على الاتهامات في المملكة جاء عفوياً، وعشنا مع حملة التبرعات في التلفزيون، وفي مواقع استقبال أهل الخير، ولعلنا لا نُتهم بتهمة جديدة، بسبب هذه التبرعات، من يدري فقد أصبح ما يسمى مراكز الأبحاث في أميركا مصانع للاتهامات والتحريض.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.