المشهد المصري مَعين لا ينضب

نمرُّ بمرحلة تحولات كبيرة، وهي للمهتمين بالسياسة والاقتصاد والإعلام، ولمن يعنيهم الاستقرار والأمن والتنمية الحقيقية، أمامنا الآن تجربة مختلفة وكاشفة تصل إلى دقائق الأمور، دروس على الهواء وثراء لافت، خصوصاً في مصر مع ظهــور شخصيات سياسية واقتصادية وقــانــونية وأخرى إعلامية مهتمة بالشأن العام المصري، كانــت مغيّبة أو مجبــرة على الصمت ولها تجربتها الراسخة مــع نظام مبــارك. والمراقب يلمس مع هذه الفضفضة صراحة وشفافية.
مشهد سيطول لكن يصعب تكراره، تشريح لجسد عمره ثلاثة عقود وبعضهم يضع له عمراً أكبر بعشر أو عشرين سنة حسب رؤية شاهد العيان وتجربته، أعتقد أن هذا المشهد مفيد ومثقف «بكسر القاف» لكل العرب، من القادة إلى الشعوب، من المسؤولين إلى المخدومين، ويمكن لتحقيق فائدة أكبر تقسيم المشهد إلى أجزاء ولو في هذه العجالة كالتالي: الجزء الأول خاص بزواج السلطة بالمال، والجزء الثاني يغطي سوء استغلال النفوذ والسلطة، أما الثالث فيخص تدخل رجال الأعمال في السياسة وأساليب تأثيرهم عليها والنتائج الوخيمة لذلك، الرابع يتركز حول السياسات الاقتصادية من جهة وكيفية نفاذ هيئات اقتصادية دولية إلى جسم الاقتصاد الداخلي. ومن هذا الجزء موقف صغير وكبير في معناه، رواه الدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق. قال الدكتور كمال في لقاء مع فضائية «دريم» أن وفداً من البنك الدولي كان سيزور مصر لعقد اتفاقية بشروط يراها الجنزوري مجحفة – وهو صاحب سلطة ذلك الوقت – رتب الزيارة وزير المال بطرس غالي الابن، رفض الجنزوري استقبال أعضاء الوفد وقرر منعهم من دخول الدوائر الحكومية فيما لو وصلوا، فهاتفه بطرس غالي الأب «سكرتير هيئة الأمم المتحدة وقتها»!؟ محذّراً من مخاطر هذا الموقف على الاقتصاد المصري ومرغباً باستــقبال الوفـــد. لكن الجنزوري أصرّ، وبعد شــهر جــاء الوفد بــشروط الجنزوري، وما يهمنا هنا هو احتمال أن يكـــون وزير منفذاً لرؤية هيئة اقتصادية دولــية بشروطها التي قد تضر إذا لم تجد المــفاوض الــمناسب المهتم بمصلحة الاقتــصاد الوطــــني.. المــصري هنا، ففي حين تتــوقع الحكومة، أي حكومة، من مسؤولها الحفاظ على مصالح الوطن، احتمال أنه نقيض ذلك قائم، قد لا يكون ذلك بسوء نية، فالأمر قد لا يتعــدى أنه لا يعرف سوى هذه المدرسة وهذا المنــهج لا غير ويدين له بالولاء.
ومن طرائف البنك الدولي الطازجة تصريحه قبل أيام عن مصر، إذ قال إن إصلاح اقتصاد مصر في مرحلة ما بعد مبارك، مرهون بتغيير أداء الحكومة الاقتصادي، ولم يذكر أنه كان شريكاً لها مثلما لم يهتم بما آل إليه جنوده المحليون.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على المشهد المصري مَعين لا ينضب

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    والله يابو احمد انا اللي يهمني الجملة هذه (نمرُّ بمرحلة تحولات كبيرة).
    والسؤال يابو احمد هذه التحولات ايش مشكلتنا اذا اخذنا منها دروس
    واتعلمنا والا برضه مالنا شغل .. الله يجيب ابونا بالسلامة بس وشكرا

  2. ماجد كتب:

    التصريح الاخير للبنك الدولي بخصوص فترة ما بعد مبارك لا يجب أن يؤخذ مأخذ التهاون. فقناعتي المتواضعة هو أن توجيهاتهم لم تطبق في مصر كما أرادوها.
    حيث أن للبنك الدولي (ومؤسسات اقتصادية دولية أخرى) وقفات تحسب لهم، كموقفهم عند انهيار اقتصاد روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتدخلهم في دول امريكا الجنوبية بعد انهيار اقتصاديات الدول هناك جراء انفجار التضخم في بداية التسعينات الميلادية وغيرها من وقفات.
    تعليمات البنك الدولي تعتمد فائدتها على طريقة تنفيذها. وأهم هذه التعليمات هو رفع الدعم وتحرير الاقتصاد. حيث أن ذلك سيؤدي إلى الهدف المنشود وهو زيادة التنافسية وبالتالي الكفاءة وبالتالي الازدهار.
    ولكن يمكنك رفع الدعم بهدف السلب والنهب، وتحرير الاقتصاد بهدف السمسرة والتنفع.

    وعلى كل حال فإنهم في البنك الدولي لم ينكروا ما وقعوا فيه من خلل (رغم أن ذلك لا يحملهم المسؤولية إطلاقاً)، فكما صرحوا مؤخراً في أنهم اعتمدوا على المؤشرات الاقتصادية الرئيسية والتي تصدر من الجهات الحكومية الرسمية ولم يلقوا بالاً للوضع المعيشي المباشر للسكان. والمعادلة في الأخير سهلة وبسيطة: من يريد الخير لبلده وشعبه فسيجد كل العالم في عونه ومن يريد خلاف ذلك فلا ينتظرن شعبٌ أن يأتي من يتبرع بنجدتهم.

  3. جلال كتب:

    طحت على الجرح يا ابو احمد الحديث يعتمد على سياسات دول وتكوين اقتصاد حر

التعليقات مغلقة.