أكوام القش

في إيران رفع المتظاهرون شعارات «بعد مبارك وبن علي جاء الدور على سيد علي»، والتعتيم جارٍ على الأخبار في طهران التي هلّلت رسمياً للثورة المصرية. الثورة مطلوبة في القاهرة، لا في طهران، والنظام الإيراني صلب يشبه الليبي في جبروت أمن النظام وبطشه، والصلابة الشديدة مرشحة للتهشم أسرع من غيرها.
كان بعض مؤيدي القذافي يقولون – بعد نجاح الثورة المصرية – إن ليبيا قامت بثورتها في السبعينات، بمعنى أنهم سبقوا غيرهم، فما يحدث حولهم لا يتعدى موضة قديمة، هذا قبل احتقان الحالة الليبية، وظهور صور وأخبار مفزعة عنها. الحالة الثورية المستمرة في ليبيا لم تفلح في وأد الثورة، مثلما لم يفلح ظهور سيف الإسلام القذافي، فتبعه الزعيم مرتدياً ثياب نيرون، وظهرت صور متظاهرين ترفع علم الملكية الليبية، فالثورة على الملكية جاءت بملك على كل ملوك أفريقيا، أما الجماهير فلم تحصل على شيء مستحق من الجماهيرية «العظمى». أبناء الثائر تحوّلوا إلى أبناء حاكم، فكان الخليط المتفجر ترفاً مع استبداد وصلف!
في أوغندا منعت كلمات وأسماء من رسائل الهواتف الجوالة «مبارك»، «ابن علي»، «ثورة»، وطارت الشرارة إلى جيبوتي الصغيرة، فالمشهد المحتدم في اليمن ليس بعيداً عنها.
الغرب لا يتدخل ولن يتدخل هو ينتظر استقرار أحوال المنطقة، ليبدأ التعامل مع القادمين الجدد، ولا أشك في أنه الأقرب إلى معرفتهم، ونكتة أن القمة العربية المقبلة قمة تعارف أصبحت حقيقة.
ما الذي يحدث؟
كانت الأرض خصبة، فلها رائحة انتشرت لسنوات لا يخطئها الأنف، أخرت الأنظمة الإصلاح الحقيقي، واستمتعت بترف الرحلة وطرب حفلات المطبلين والمنافقين، حلقات المنتفعين العازلة تتبدد الآن، إما على طائرات خاصة، أو في مكان معزول يتلمس جوازاً غربياً، هذا التأخير زاد من خصوبة الأرض، جذرها بشكل أعمق، وإذا ما بحثت عن سبب رئيسي لا بد أن تكتشف أسباباً، كلها أصبحت رئيسية، فالعامل الاقتصادي تداخل مع العامل الاجتماعي، ليفتح الباب على الاستبداد والاستئثار بالمال والسلطة، وباستثناء الحالة الليبية الدموية، فإن السياسات الاقتصادية التي استوردت من الغرب في الخصخصة وشراكة القطاع الخاص ومراوغة في توفير فرص العمل، تحوّلت إلى خلطة انتفاع جديدة لشريحة ضئيلة متنفذة، تضخم الورم، وأصبحت البروفات تعرض على القنوات. انكشفت أنظمة وكيانات اتضح أنها أكوام قش جاف، وتذكر الناس ألعاباً سياسية استخدمت للمشاغلة من الحرب على الإرهاب إلى خطر إيران.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على أكوام القش

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    واكمل الباقي انا يابو احمد بما ورد في لوحة رفعها احد المتظاهرين
    في ميدان التحرير ( اذا الشعب اراد الحياة فلابد ان يستجيب البقر )
    والموت مع الجماعه رحمة وسلم من يقراء وشكرا

  2. أبو بسام كتب:

    ليت قومي يعلمون

  3. جلال كتب:

    المفارقة في الامر ان قناعة الانظمة دائماً تقول ان الحركات الثورية والانتفاضات الشعبية والتمرد والاحتجاجات تصدر من ايران الاسلامية بينما الواقع اتضح انها من تونس العلمانيية .
    الواقع في ايران يا ابو احمد مختلف تماماً نعم هناك من هم ضد النظام ولكن ليس بالواقع المصور هم منقسمين ضمن برامج حكومية . وليس ضد نظام يجتمعون في كرههم للغرب وامريكا بالتحديد
    الانظمة العربية تجاهلت الشباب وتنظر لهم كعبء بينما هم ثروة الخطر الحقيقي هو البطالة على الانظمة

التعليقات مغلقة.