سداح

بسكون على حرف الدال كان هذا الاسم هو الأكثر شهرة بين أسماء الصقور، والمعنى أنه يسدح الطريدة ومن كثر ما سدح سمي سداح، لكن الوضع انقلب رأساً على عقب، وأصبح هذا الاسم من أسوأ أسماء الصقور والسبب ظهور الفنان راشد الشمراني في حلقة لطاش ما طاش قبل سنوات وعلى ذراعه “صقر شكلاً ورخمة مضموناً” أسماه سداح، واضطر كثير من الصقارين لتغيير أسماء صقورهم وأصبح هذا الاسم مثاراً للسخرية والتندر ولم يسلم الفنان راشد الشمراني من اللوم، وقال لي مرة وهو “منسدح” إنه لقي كثيراً من الحرج ولجأ إلى متخصصه النفسي ليشرح الأمر لكل مستاء ومتضرر.
ولاحظت تزايد شعبية هواية تربية الصقور وهي هواية مكلفة ليس مادياً فقط، بل ومعنوياً، ولي صديق يقطع يومياً في مثل هذه الفترة من كل سنة مئة وأربعين كيلومتراً ذهاباً ومثلها إياباً، لماذا؟ ليجد مكاناً فسيحاً ونائياً يدرب فيه صقوره ويسمونها “الدعو”، على طريقة أهل البادية “عود وراك”، وهناك من دخل هذه الهواية من قبيل المباهاة أو بحثاً عن الوجاهة أو لأنه احتك أو يريد الاحتكاك بأصحاب مقامات تستهويهم هذه الرياضة.
وأحد الأصدقاء لديه جار يسكن في قصر منيف وكلما مرَّ من البوابة المفتوحة شاهد بيت الشعر وأمامه مجموعة من الصقور، وهي على أوكارها مبرقعة، فأصابت صاحبنا الغيرة، فاتصل بأحد أصحابه وذهبا إلى السوق لشراء صقر، أو اثنين، ولكن الأسعار المرتفعة كادت أن تثنيه عن عزمه، إلى أن اهتدى إلى شراء الأرخص، فالقضية شكل وديكور، اشترى ثلاثة صقور الواحد بمئة وخمسين ريالاً، وصفها مع صديقه أمام بيت شعره، وأشعل النار في الوجار، ثم اختبأ داخل الفروة، وطلب من صديقه أن يصوره عشرين صورة، وفي الصباح الباكر وجدت الصقور الثلاثة وقد افترستها القطط.
ويستهلك الصقار أعداداً كبيرة من طيور الحمام لتغذية صقورهم، حتى إنهم يضعون العلاج للصقر المريض داخل قلب حمامة.
وللصقور رائحة غير طيبة، وهي تحتل السيارة لوقت طويل، لكن “المهتوي يقطع المستوي”، وكلما اتصل بي صديقي عارضاً مرافقته لحضور التمرين التعبوي لصقوره تذكرت تلك الرائحة ومشاهد تمزيق الحمام الحي فاعتذرت، ولم أعرف أن الطفرة أصابت الصقور إلا منه، فقد اكتشفت أن هناك صقوراً بدينة تصاب بالإعياء بعد طيران عشرة أمتار، على رغم أنها أصيلة ولكن الصقار مثل صاحبنا “راعي الفروة” المذكور أعلاه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.