استكمالاً لموضوع الأمس حول نتائج الدراسة المصرية عن أتباع الدجالين ومدعي النبوة فقد لفت نظري أن أقصى عقوبة يمكن أن يعاقب بها مدعي النبوة في مصر هي السجن خمس سنوات فقط، والشيخة منال التي حدثتكم عنها أمس تقضي الآن عقوبتها تلك، لكن تصور معي لو أن المدعي ادعى السلطة ماذا يكون عقابه يا ترى؟!، أعود إلى تكاثر ممارسات أشارت إليها الدراسة هناك وأزعم أنها متوفرة ومتنامية عندنا مع عدم وجود دراسات، ومنها بل على رأسها قراءة الفنجان ولست أعلم سر ارتباط قراءة الفنجان بالسيدات بدلاً من الرجال فهل هو نوع من التخصص أم بسبب علاقة النساء بالمطبخ.. الله أعلم، لكن قارئة الفنجان التي يصورها الفيلم الكلاسيكي وهي تقول لزبونها.. أمامك سكة سفر أو طريق طويل لا تشير هل هو مزفت أم ترابي،، تقول في الحقيقة ما يريد أن يسمع الزبون المتحفز، ولا بد أن تقع على شيء يشغل باله، فتصور له دلائل مستقبلية على طموحاته أو همومه ولا يحتاج ذلك إلى قدر كبير من الذكاء بل هي ستخبره كيف أن الطالع يقول إنه سيصبح “حاجة كبيرة” وكل ما أعطته أعطاها أو العكس، وهي تعلم أي سلم يحمله أو يحلم بصعود درجاته، والحقيقة أنه إذا ما بحثنا عن إشارات معينة فإننا سنجدها حتما، وإضافة إلى الفنجان وقراءته هناك هوس الأبراج فمن أبراج طيور الحمام والضغط العالي تطور الأمر إلى أبراج الحظ، فأصبحت وسيلة بعض الدجالين وأحياناً المتذاكين للفراسة والتأثير وتأكيد الأهمية، وقبل هذا وبعد.. الادعاء، وصار للحمل الوديع تأثير خطير إذا ما اقترن بالعقرب، وإذا ما كان حظ الثور هو الميزان فإن سعر الكيلوغرام يمكن أن ينخفض، وللصينيين وحسب السنة الصينية، أبراج أدق في أسمائها، لديهم برج للقرد وآخر للحمار وثالث للفأر إذا لم تخني الذاكرة، لكن تأثير الأبراج أخف وطأة في مجتمعنا والسبب أن المجلات وأخيراً مواقع الإنترنت أفقدتها الأهمية بكثرة تسويقها، فيمكن لك أن تبحث عن الحظ الذي يناسبك مثل أي سلعة، وإذا لم يعجبك ما صادفته من حظ فابحث عن آخر، إضافة إلى أن مجتمعنا يحرص على الخصوصية فلا أحد يريد أن يعرف حظه شخص آخر، فضلاِ من أن يكون متاحاً له في مجلة أسبوعية أو موقع، وكل هذا خرج من عباءة الكذب والدجل وهو خطر كبير على صحة العقيدة، ولست أعلم هل لو التقى مدعي النبوة المصري بالشيخة منال هل يمكن أن يتزوجها فيعيد التاريخ نفسه، مثلما حدث لمسيلمة الكذاب زعيم الكذب منذ فجر الإسلام بل أشهر كذاب في التاريخ حتى إن اسمه صار مرادفاً للكذب والافتراء، يروي الطبري في تاريخه لقاء مسيلمة الكذاب بسجاح التي ادعت النبوة هي الأخرى، وكيف استطاع الأول إقناع الثانية لأنه أقدر على الكذب، بل إنه وعلى ذمة الطبري دخل بها قبل أن يتزوجها بعد أن قال شعراً لا يمكن ذكره، ولو عاد مسيلمة الكذاب للحياة فلن يجد أفضل من قارئات الفناجيل موظفات مساعدات له وسيتقاطر الأتباع مع كل فنجان قهوة.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط