إذا كانت هناك جدية في الاهتمام بالإبل فيجب الاستفادة من أخطائنا، في زراعة القمح… وتجربتنا مع تشجيع زراعة النخيل.
الحقيقة أن لنا تجربة غير ناجحة مع النخلة.
نعم هي غير ناجحة، على رغم إكثارها، وسأخبرك عن الفجوات.
هناك اهتمام بزراعة النخيل قام أساسه على مبادرات فردية مع إعانات حكومية، إضافة إلى جمالية تحسين الشوارع إلخ… لكن المزارع الكبيرة للنخيل وعندما يأتي وقت الخراف و”الصرام” لا يديرها ولا يشتري معظم إنتاجها إلا عمالة أجنبية، وتغص بها حلوق من غرسها واعتنى بها، وبين أن يفقد ثمرها كله أو بعضه يتنازل لأوضاع السوق.
ثقافة الاهتمام بالنخيل والعمل عليه غير موجودة، بل إنها أوكلت إلى عمالة سائبة تعلموا من “شواكيشنا”، لذلك يبقى أصحاب المزارع أسرى لعمالة “الخراف”، أي جني الرطب و”الصرام”، أي حصد التمر، إن جاز التعبير، ويخضعون لشروطها. والنخلة والبعير أحسنّا إليهما في الشعارات، النخلة هي شعار رسمي، وأصبحت تراها في الشوارع نخلة كهربائية، هذا للتجميل وفيه تثقيف لترشيد الطاقة للأجيال الغضة… على طريقة… “ولعها… ولعها”.
بلد النخيل استورد النخيل من الولايات المتحدة لأسباب جمالية كما قيل، وحالياً هو يغرس نخيلاً كهربائياً مضحكاً في شوارعه، فقط لأنه انتشر في بعض البلاد المجاورة، كأننا نقول، “يعني عندكم وما عندنا”، كأن المدن وشوارعها تغار من بعضها البعض.
والبعير شئنا أم أبينا فيه منا وفينا منه، “راضعين من ثدي واحد”، ولو دققت النظر وصرفت التفكير لوجدت في سلوكياتنا خصوصاً في الشوارع شبهاً كبيراً منه، وفوق ذلك عرفنا به في الخارج وأصبح ملاصقاً لصورتنا. وعندما تقدم جواز سفرك في أي مطار خارجي فإن موظف الجوازات ما أن يرى صورتك ويعرف هويتك حتى تبث على شاشة مخيلته صورة بعير.
لكنه مثل كثير من أشيائنا لم نكن نكرهه ولا نحبه بل إن البعض كان يراه عيباً. وأتذكر في بدايات سباقات الجنادرية أنه حل مثقف عربي ضيفاً على المهرجان، ونقل لي أحد الأصدقاء المثقفين تعليقه على الجمل الذي يراه للمرة الأولى بقوله إنه حيوان قبيح، أحسست وقتها أن في نقل الصديق المثقف شيئاً من الإعجاب ودهشة الاكتشاف بذلك التعليق، مثل هذه الرؤية الضيقة في مفهوم الجمال والقبح لا تزال مستقرة في أدمغتنا إلى أن يأتينا التقرير عن جمالها من أستراليا!.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط