هيئات «الوقف» العمالية

مطلوب من موظف البنك تحسين علاقته بالعميل، حسب حجم حساباته، كلما ارتفعت كان التعامل أحسن ليصل إلى مرحلة الدلال في المستويات العليا، الموظف يرد على العميل المنخفض حسابه قائلاً بنفس شينة «هااه»، وعلى الأعلى بـ «سم طال عمرك».
لكن هذا العلاقة قد «تزود عن حدها» وينتج منها تورط لأحد الطرفين أو كلاهما. تأملت ذلك وأمامي رسالة من مصرفي فصل من عمله، تشير إلى أنه ضحية من ضحايا «قل تم»، أمام عميل من الوزن الثقيل ومن دون دخول في التفاصيل، النتيجة أنه وأسرته في مهب الريح.
تذهب الأطراف المتخاصمة إلى الهيئات العمالية بعد تطوير لم يحقق انفراجاً في مدة التقاضي، مع أن هناك طرفاً قوياً وآخر ضعيف، القوي منشأة توكل محامياً بنفس طويل وعقد أطول، وهي منشأة «ضخمة» كبار موظفيها «يتندحون» في الحل والترحال والحكايات عنها لا تتوقف، في حين أن الطرف الآخر «الموظف»، فصل من عمله وأوقف راتبه ولا يسمح له بالعمل خلال فترة التقاضي وإلا…؟
فإذا كان من المقترضين «وأغلب المواطنين منهم» يكون في وضع أكثر إحراجاً مادياً واجتماعياً، ويتحول الزمن – طول فترة التقاضي – إلى مطرقة تضرب هامته كل يوم – فمع الحاجات المعيشية هناك سداد وكل «أصل» عليه قرض مسجل باسم البنك أساساً. وكان من المؤمل أن تتغير وتيرة العمل في الهيئات العمالية بعد ترقيتها من لجان.
والأصل في اللجوء إلى القضاء هو البحث عن الإنصاف والعدل، وحينما يتحول القضاء بسبب البيروقراطية أو أي أمر آخر إلى أداة لإضعاف الضعيف والضغط عليه فهو لا يحقق هدفه فقط بل يصبح أداة «طيعة» بيد الطرف الأقوى يستخدمه ويطلب التأجيل كل مرة. ومن الحلول الوسط في مثل هذه القضايا أن تستمر المنشأة في صرف الراتب أو نصفه على الأقل وتتوقف عن أي إجراء يضغط على الطرف الضعيف في معيشته، لا أن ينتظر إلى صدور حكم نهائي، فبعد الغرق لا تنفع سترة النجاة.
لقد طرحت هنا في مقالات سابقة جملة من الاقتراحات بعضها من مجربين ومختصين تتعلق بتطوير نظام العمل وتحسن من ظروف التقاضي في اللجان أقصد الهيئات العمالية لكن من دون فائدة. إلى متى تبقى هذه الهيئات مصانع للمعلقين والمعلقات؟ «وقف» من نوع جديد يضاف إلى ما تحفل به المحاكم، والظلم بشع وهو ما يجب أن تتداركه الإدارات العليا للبنوك والشركات، فهي في الغالب الأعم لا ترحم في هذه القضايا خصوصاً حينما يكون الطرف مواطناً، إما إذا كان من أصحاب العيون الخضر فإن التعامل يصبح مختلفاً وتتم لفلفة القضية بهدوء وصمت وتطييب خاطر. فإذا قال لك أحدهم «قل تم!»، قل «يكون خير».
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على هيئات «الوقف» العمالية

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    لقد طرحت هنا في مقالات سابقة جملة من الاقتراحات بعضها من مجربين ومختصين تتعلق بتطوير نظام العمل وتحسن من ظروف التقاضي في اللجان أقصد الهيئات العمالية لكن من دون فائدة ..
    والله يابو احمد ماهو عشان وجهك .. ولانفاقا ومجاملة .. انت احلى من ستين واحد عيونه زرق ولا خضر والا حتى
    فوشي .. وهذه ماهي المشكلة .. المشكلة لها حل .. اقتراحاتكم وافكاركم تملي الدماغ .. ولو كتبها ان شاء الله واحد
    من موزامبيق .. الله واكبر كان جابوه وعينوه مستشار تنفيذي ونقحوه خمسمائة الف وسيارة باخ الباخ
    يابو احمد .. اكتب ونحن نعرفك ونعرف قدرك وخليها على الله وشكرا

  2. عاصفة الصحراء كتب:

    بارك لله فيك ، وعندي سؤال الا وهو الا يوجد في البنوك ادارة مخاطر ؟ ثم الا يمكن اعتبار فصل الموظف لامر مثل هذا الامر ضمن المخاطر التي يتعرض لها البنك ام ان الموظف اخر هموم البنك ؟!
    المنشأة التي لا تحترم وتدافع عن حقوق موظفيها غير جديرة بالاحترام ولا التعامل ايضاً .

    مقال رائع من كاتب اروع سلمت اناملك .

التعليقات مغلقة.