القابلية للاشتعال

هل يتحول ما أطلق عليه «الربيع» العربي… إلى ربيع عالمي، مع خصوصية كل مجتمع ودولة؟ الواضح الآن هو تزايد القابلية لاشتعال الشعوب. تبدأ المسألة بأفراد ثم تتحول إلى جماعات تختلف الأسباب وتتفق ما بين مجتمع وآخر، والعامل المشترك فيها جميعاً هو العامل الاقتصادي الاجتماعي وهذا الأخير لا تحركه سوى السياسة. بريطانيا دولة الاستقرار السياسي تندلع فيها أعمال الشغب والتخريب وتنتقل من مدينة إلى أخرى بسرعة كبيرة لا تمكن الحكومة من المواجهة. يقطع رئيس الوزراء رحلة خارجية ويستدعي مزيداً من رجال الشرطة ويهدد ويتوعد، ويتم اتهام الشبكات الاجتماعية على الإنترنت ورسائل أجهزة الجوال بالتحريض. ومع الربيع الإسرائيلي الذي أطاح بمدير المالية هناك، دعوات في الولايات المتحدة لربيع أميركي، دعوة شعبية لاحتلال «وول ستريت» بتاريخ 17 أيلول (سبتمبر) المقبل، وهو أمر متوقع مع كل هذه التحذيرات من أزمة اقتصادية مالية وكساد محتمل.
ومثل فيروسات أوبئة أنفلونزا الطيور والخنازير تعبر الفيروسات البحار والحدود وتؤكد أن لا أحد بمنأى عن الإصابة بالعدوى، والفيروسات تتشكّل وتكمن لتنطلق مع أول فرصة. النجاح في إسقاط الأنظمة الذي تحقق في مصر وتونس ساهم في دفع آخرين، حتى في الغرب وإسرائيل، إلى المحاكاة، وإذا بحثنا عن سبب رئيس لكل هذا لن نجد سوى الرأسمالية المتوحشة ممثلة بالاقتصاد الأميركي (الطفيلي حسب تعبير بوتين) والفساد الذي تكشّف مع العاصفة المالية عام 2008، فلم تنفع حقن الإنعاش للاقتصاد الأميركي بعد تلك الكارثة ولا مجموعة الـ20 وما اعتصر من أموالها شيئاً، وإذا كانت المجتمعات الغربية بما تأسس لديها من تجربة سياسية صلبة وعقد اجتماعي واضح بمنأى عن الفوضى الطويلة الأمد مقارنة بغيرها فإن الحال في الدول النامية مرشَّحة أكثر لها، مع هشاشة أوضاع وتنوع أسباب القابلية للاشتعال.
سخط الشعوب هو المحرك الأساس، الوقود الجاهز للإشعال والاشتعال، فإما يشتعل من الداخل أو يُشعل من الخارج، لذلك فإن البحث والتقصي عن الشرارات المحتمل تحولها إلى لهب وحريق مهما صغرت وعلاجها العلاج الناجع هما سبيل الحكيم لتجاوز «إعصار فيه نار» وتخطيه، ومن الحكمة الاستفادة من تجارب الآخرين بإعادة النظر في الاتجاه الاقتصادي وعدم الانسياق وراء نصائح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فإذا كنت غنياً أفقروك، وإذا كنت فقيراً أغرقوك في الحضيض، ولو كان في الصندوق والبنك خير لأصلحا من أوضاع أكبر اقتصاد عالمي أصبح يوصف بـ «الطفيلي».
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على القابلية للاشتعال

  1. أبو بسام كتب:

    هذا حول العالم الخارجي ماذا عن عالمنا نحن داخل دولتنا ، نحن واحد من اثنين : يا فاهمين المثل القائل : ( الخيل الأصايل تلحق تالي ) غلط ، كما هو واضح في حالنا مع المفاعلات النووية و اتباع النظام الرأس مالي ، يا أن المؤثرين في القرار و مسيريه ممن ربح في عز خسارة الأسهم بشراء الأسهم بسعر منخفض فيطرون المفاعلات و الرأسمالية مثل سوق الأسهم.
    اسمح لي بنشر هذا المقال للفائدة ففيه شرح واف للرأسمالية في بلدنا.

    الرأسماليون
    د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه
    http://www.saaid.net/Doat/khojah/138.htm

  2. محمد كتب:

    أعجبني :
    (فإذا كنت غنياً أفقروك، وإذا كنت فقيراً أغرقوك في الحضيض)

    ولو كان في الصندوق والبنك خير لأصلحا من أوضاع أكبر اقتصاد عالمي أصبح يوصف بـ «الطفيلي».

  3. السلام عليكم
    استاذي
    الكل مقتنع ولكن القرار ليس بيدنا
    والا على الاقل إيقاف تسونامي العماله و المستثمر الاجنبي ونظامه المعادي للوطن والذي يقصد منه محاربة الوطن وليس المواطن فقط.
    ولكن القرار ليس بيد حكومتنا (((((الرشيده)))))
    تحياتي

  4. محمد عبدالعزيز كتب:

    أستاذ عبدالعزيز السلام عليكم ..

    أرجو تخصيص أحد مقالاتك المستقبلية عن صندوق النقد الدولي و البنك الدولي, فجميع ماقرأت لك كان فيه إشارة أو تلميح أو تحذير من هاتان الجهتان, و نرغب في مقال تفصيلي عنهما (نورنا الله ينور عليك)

    شكرا لك ..

التعليقات مغلقة.