في عينه عود – 2

في أيام الطفولة كنا نردد أهزوجة تقول: “الحسود في عينة عود”، وبعقولنا الصغيرة آنذاك كنت أعتقد أن عين الحسود عليها علامة فارقة وهي العود، لم نحدد وقتها هل هو عود تنظيف الأسنان أم من عيدان الكبريت، ثم اكتشفنا أن لا وجود للعيدان.
ويشتكي صديقي من زميل له ويقول إن له عيوناً مثل جهاز “السكانر” تمسحه يومياً، ويطلق بعد الفحص تعليقات مثل، “وجهك اليوم زين وش عندك”، أو “أنت مصفّر العداد”، والمقصود عداد المسافة في السيارة، والمعنى أنه في العمر يعود إلى الوراء، أما إذا ما اشترى أو لبس صديقي شيئاً جديداً فإن قضية اليوم في المكتب تصبح مجموعة من شكاوى الزميل عن حاله المستمرة في الميلان، على رغم أن كل من حوله تحسنت أحوالهم، ومرة نصحت صديقي بأن يقوم بإهدائه بعضاً من جديده فرد قائلا إنه فعل، فكان التعليق: “من قدك تغرف من بحر”، وحذرت صديقي من الإصابة بالوسواس وأن يستعين بالله تعالى ويصرف ذهنه عن هذا الزميل المتعب، فقال إنه لن يتمكن من ذلك وهو يقضي معه وقتاً أكثر مما يمكث في المنزل. وعلى عادة الموظفين اجتمعوا مرة على وليمة، والوجبة كانت شهية وصديقي جائع لذلك أخذ راحته أمام صحن “الكبسة”. وغاب عني ثلاثة أيام لا يتصل ولا يرد، وفي اليوم الرابع رد على هاتفي بصوت مخنوق وقال إنه مريض منذ ثلاثة أيام، حتى إن الأطباء احتاروا في مرضه، وزرته بعدها وإذا به أفضل حالاً بعد أن ذهب إلى راق يعالج بالقرآن الكريم، ونصحه المتخصص في الرقية بأن يأخذ شيئاً من زميله فوسّط أناساً لذلك، فقيل له إنه أخذ إجازة بعد سماعه الخبر.
ومن باب التخفيف على صديقي قرأت له خبراً نشر في صحيفة الرياض عن الطفلة مارغريتا (8 سنوات) وهي ابنة لأشهر طباخ إيطالي اسمه جيورجيو لوكاتيلي يظهر في التلفزيون، فمنذ بلوغها السادسة أصبحت “مارغريتا” تصاب ببقع حمراء في الحنك والذراعين، ولم يكتشف أطباء مستشفى كلية طب لندن السبب، وخلال ثمانية عشراً شهر ساءت حال الطفلة، انتشرت القروح في جسدها وتعفنت بشرتها، وبعد الفحوصات شخصت حالتها على أنها حساسية ضد (680) نوعاً من الأطعمة وعلى رأسها السمك المدخن الذي يشتهر والدها بطبخه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.