الاكتتاب بالذراع

على رغم ما حدث في اكتتاب شركة اتحاد الاتصالات من ندرة وبيع لاستمارات الاكتتاب وتدافع الناس، واقتحام بعضهم فروع البنوك، وتداخلات وتشابكات لم تصل إلى الصحف، إلا أنه تم تكليف البنك ذاته بإدارة اكتتاب بنك البلاد الجديد، وأكتب هذا المقال في أول أيام الاكتتاب وفور توقع مثل هذه الأحداث على اعتبار أنها أمر بدهي.
حصل بنك البلاد على أكبر حث وترويج للاكتتاب، والصبغة المصرفية “الإسلامية” التي حرص البنك على التأكيد عليها زادت من الزخم والازدحام، ولم يحصل مثل هذا الترويج إلا أيام طرح أسهم شركة الراجحي قبل سنوات طويلة. 
وأتوقع أن تكون نتائج الاكتتاب في بنك البلاد تاريخية، وستتم التغطية، والله أعلم، مرات عدة، من دون تدخل رسمي!؟، ولن يحصل المكتتب الفرد إلا على “نتفة” سهم، وهذا لا يعني أن تفوت الفرصة عليك بل اكتتب وخذ فرصتك فإنها لك او “للهامور”، ونلاحظ أنه سمح لبنك البلاد بأن يعلن عن هوية المصرفية الإسلامية وهذا لم يكن مسموحاً قبل أقل من عشر سنوات، والسبب – فيما يبدو – أن البنوك الأخرى أسست قبل سنوات أقساماً للمصرفية الإسلامية، وأتساءل عن التطور الذي حصل وأدى للسماح بهذه الأساليب المصرفية، وهل تم استحداث إجراءات جديدة تسد أبواب الشكوك حول الوقوع في الربا؟ وما الفرق بين هذه الأساليب المصرفية وتلك التي تعاملت بها ما أطلق عليها “البنوك الإسلامية” التي نشأت بكثرة خارج بلادنا قبل عقدين ونيف، فهل هي الأساليب نفسها، أم أن المصرفية الإسلامية عندما جاءتنا من “الخواجة” أصبحت لذيذة و”مقرمشة”؟!
ولست أشكك هنا في تلك الأساليب والصيغ البنكية ولكنه تساؤل مشروع وأعلم أن اللجان الشرعية لا تستطيع مراقبة كل أعمال البنوك،
 إضافة إلى أنني أعلم علم اليقين أن الدين الإسلامي الحنيف حرم أكل أموال الناس بالباطل وحرم الظلم، وحرم استغلال حاجات الناس، وإثقال كواهلهم بالفوائد المركبة، ولم أجد تطوراً يذكر في عدم الوقوع في ذلك خلال السنوات القليلة التي افتتحت فيها تلك الأقسام، بل إن قوائم المقترضين المثقلين بالفوائد الكبيرة في ازدياد ينذر بمخاطر عديدة علينا نرى الآن بوادر آثارها.
وعودة إلى اكتتاب البلاد وتدافع الناس وحرص غالبيهم على الاكتتاب بالذراع والصراع، يحتم علينا العمل على إشاعة ثقافة النظام والانتظام، وأن نعطيها حقها من القيمة والاهتمام إذا أردنا أن نكون متحضرين ومتطورين، وهو الأمر الذي يستحق “إذا وصلنا إليه” أن يُفاخر به.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.