قيس وأكثر من ليلى

الذين يراهنون على أوروبا واتحادها ويحاولون ان يجعلوا منها قطب توازن في مقابل الولايات المتحدة الأمريكية في عالم اليوم، عليهم إعادة حساباتهم وان يدرسوا جيدا ردة الفعل الأوروبية تجاه حادثة جزيرة ليلى المغربية، الأوروبيون ومن خلال مفوضيتهم تجاوز موقفهم موقف اسبانيا الطرف الآخر في القضية، واعتبرت المفوضية الجزيرة ارضاً اسبانية وهو ما لم تدعه أسبانيا أصلاً، حدث صغير في شكله، على نتوء صخري كما أسماه البعض في محاولة للتقليل من اهميته، مثل هذا الحدث ازال كل المساحيق التجميلية التي تختفي في العادة وراءها أوروبا لاسباب تجارية معروفة، بل ان رد فعل المفوضية فيه من التوتر بقدر ما في رد الفعل الاسباني من محاولة الظهور بمظهر الهدوء وضبط النفس، مشكلة الجزيرة التي تبعد عن الساحل المغربي مائة وخمسين مترا فقط!، أنها غير مأهولة منذ زمن، ولذا كان من الاعتداء والتجاوز الذي يدفع بالعساكر للمواجهة ان تستخدم الجزيرة هكذا بين ليلة وضحاها، وعلى هذا الاساس يجب ان تفتش الدول العربية وعلى شواطئها الطويلة عن نتوءاتها الصخرية وجزرها غير المأهولة المعروفة منها والمنسية وتتفقدها ولا أستبعد ان يكون هنالك حالات مثل حالة ليلى المغربية، جزر طواها النسيان حتى من الخرائط لا يريد أحد تذكّرها، ولا يعرف متى تلوح قضية تظهرها على السطح، ثم ما الذي يحول دون ان يصبح ما حصل سابقة يعتد بها، وفي قضية ليلى المغربية لم تنظر أوروبا حتى إلى حرمة المياه الإقليمية التي تقع الجزيرة في نطاقها، فمنطق القوة هو المسيطر والمفوضية الأوروبية بذلك التعليق والموقف اعادت لأوروبا وجهها الاستعماري الذي كدنا من غفلتنا وغسل أدمغتنا نتناساه، فقد صدق بعضنا إلى درجة الإيمان بأوروبا والاستناد عليها لاسترجاع الحقوق وكانت ولا تزال المحطة في جولات السياسيين يطلبون الدعم والمؤازرة، لكن ليلى المغربية ازاحت القناع فظهرت جاهلية أوروبية تجهل “فوق جهل الجاهلينا”، من هذا الدرس نستخلص العبر.
هذا إذا اراد العرب بناء استراتيجية حقيقية للمحافظة على أنفسهم، العالم العربي الآن يقضم من اطرافه بعد ان ثقب قلبه قبل خمسين عاما.. لقد ضاع من قيس أكثر من ليلى… المغربية واحدة منهن ويجب عليه ان يفتش عن كل ليلى ضيعها وان يحرص على ذكرها في نشرات الاخبار ودرجات الحرارة، وحتى لا يأتي أحد يدعي وصلاً بها من غير وجه حق.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.