«زوم» على اللامنتمي

الذين يستطيعون القدرة على الصمت في زمن ارتفاع الأصوات، والجمود أو «الكمون» في وقت الحاجة الماسة للفعل لا شك هم أصحاب «قدرات» خارقة وفريدة من نوعها.
القدرات أنواع، البعض يوظفها بين الخاص والعام، نسبة هنا ونسبة هناك تختلف من شخص لآخر، والبعض «الثاني» يلف قدراته في كيس أو «خيشة» لما يخصه فقط لا غير. لذلك لا تسمع أو تجد لأمثال هؤلاء أثراً أو حساً، وكأنهم غير موجودين في الساحة، رغم ما يضطرم فيها من كثير يعنيهم.
فوجئت بصديقي الصبور، و«وسيع الصدر»، على غير عادته، وهو رجل أعمال يهتم بالشأن العام، بدا الصدر مليئاً ثم فاض، قال إنه التقى بالصدفة، وفي مكان عام بموظف كبير معني بشأن من شؤون الاقتصاد، ولأن هناك سابق معرفة كان السلام الحار والكلام في العام من «المربعانية إلى الشبط» متبادلاً، ولأن الوظيفة الكبيرة لم تعد تترك فرصاً، انتهز الصديق الفرصة «على الواقف» ليخبر الموظف الكبير معلومة مهمة عن شكل من أشكال الفساد أو التحايل الذي يهدر أموالاً على خزينة الدولة، ويخبر عن منافسة غير عادلة تتعرض لها شركات محلية.
شركة استثمار أجنبي لها فرع، ونشاط في السعودية تقوم بشراء معدات تستخدمها في أعمالها خارج البلاد، وتقوم بتسجيلها على فرعها السعودي، لتحسب الإهلاكات على ميزانية تظهر في آخر السنة خاسرة، وبالتالي تتجنب دفع ما يتوجب عليها، ومع عدم وجود جهاز فعال قادر على متابعة المتهربين بالتحايل تسرح وتمرح مثل هذه الشركة، وهي هنا نموذج لا غير.
كان الصديق يتوقع ردة فعل واهتمام وأسئلة من صاحب الوظيفة الكبيرة، إلا انه صعق من الصمت المطبق، صحيح انه غير معني مباشرة بهذه القضية لكنها تعنيه. يقول الصديق انه لم يتحرك له جفن حتى لم يطقطق بلسانه، بل وقف إلى نهاية الحديث ومع السلامة.
ليس مهماً من هو الموظف الكبير، أتوقع أسئلة من نوع «من تقصد»؟ هذا غير مهم بقدر أهمية النموذج الفريد، ومدى انتشاره في مفاصل مهمة، وللتعرف على هذه النماذج ارصد عدم التفاعل مع قضايا من المعنيين بها، وقدرتهم على الكمون، حتى تتخيل أن هذا من ضمن شروط الوظيفة! مثل هذه العينات اخطر من الشركة المتحايلة لوجود احتمال كبير أن توفر مساحة عدم التفاعل الذي لمسناه يسمح أو يغض النظر عن خروقات اكبر في زمن لم يعد يسمح بالمزيد من ذلك. والحقيقة ان هذه العينات لا تنتمي إلا لنفسها إنها تلتف حولها، وهي لو تحركت يمنة ويسرة وسافرت وعادت، باقية داخل شرنقة منسوجة من مصالحها الأنانية، لا ترى ولا تتفاعل مع النسيج الأكبر من حولها إلا كما تتفاعل السوسة الحمراء مع النخلة.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

4 تعليقات على «زوم» على اللامنتمي

  1. نادية كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
    انا حأعمل محللة نفسية ممكن يا سيد عبد العزيز؟طبعا هذا بعيد عن تخصصى بس اساسا من متخصص عندنا ماسك صميم عملة
    كل يوم يكتشفولنا شهادات مزورة ووالله ممشين حالهم وبياكلوا عيش ونتائجهاانت شايفها, بس لا اخرج عن الموضوع.
    هى مجموعة استنتاجات لهذة الشخصية
    اما خايف الى قدامة موزوز عشان يوقع بة ويجعلة ينتقد وهو رجل ماسك مركز يقوم يطيروة من مركزة
    اوشخص عارف احد من المتورطين وقد ايش كبير وعارف انة حتى لو بلغ ما راح يصير شىء يمكن هو يصير لة
    او شخص هو نفسة عمايلة مهى مظبوطة ومن من باعوا ضمايرهم
    او ما عندة انتماء انانى مستفيد ما همة الانفسة
    او يا حرام يأس من كثرة الفساد وذى قولة لا يصلح العطار ما افسد الدهر
    ويمكن يكون جميع الاختيارات العليا

  2. سلطان كتب:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم
    الشق اكبر من الرقـــــــــــــــــــــــــــعة .
    اللهم عليك بمن رهن وبدد ثروتنا .

  3. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    شئ محزن .. مضحك .. يبكي .. يرفع الضغط .. وهذا الموضوع ذكرني يابو احمد بموضوع
    المطوف امين سيف الدين قبل ثلاث سنين لما رح يشتكي ويتظلم رئيس المؤسسة ووزارة
    الحج قالوا له ماراح تستفيد شئ من الشكاوي والدعاوي احسن لك .. الادمي قال لا والله
    مااسكت عن حقي وراح سوى ابو العريف اشتكى الى ان وصل انه اشتكى لطوب الارض
    ولا احد جاب خبره .. وهنا المصيبة يابو احمد الناس صار عندهم قناعة انه الجهات الرقابية
    فيها خلل لاحظ وماقلنا انه فيها نفسها فساد فيها خلل .. طيب الادمي هذا لوسمع الكلام وبلع
    الموضوع ماكان زمانه شغال واموره تمام لكن الاخ سوى سوبرمان وقال عقله انه الجهات
    الرقابية راح تتناقز قدامه شبيك لبيك خدامك بين اديك وشكرا.

  4. سليمان الذويخ كتب:

    آآآآه من اللا منتمي و1000 مثلها من المنتمي الذي ترك الفرصة لغير المنتمي ليفعل ما فعل !

التعليقات مغلقة.