في ظروف غامضة

قالت الأخبار أن شاباً في عرعر انتحر في ظروف غامضة، في حين قالت أخرى إنه من حملة الدبلوم الصحي، ويئس من البحث عن الوظيفة مع أسرة يعولها – رحمه الله تعالى – وإلى الآن لا يمكن الجزم بأسباب الانتحار، فالتعليق الرسمي الوحيد المنشور للمتحدث باسم شرطة الحدود الشمالية، قال إن القضية رهن التحقيق، ويمكن لمن أراد التخفيف من حادثة الانتحار القول إن نسبته في بلادنا ارتفعت مع ارتفاع السكان، لكنها أقل وربما الأقل بين مجموعة منتخبة من البلدان شرقاً وغرباً.
ويمكن لمن أراد تضخيم الحادثة أن يعزوها إلى حالة إحباط تجتاح الشباب، لكننا لا نريد أن نكون من الفئة الأولى ولا الثانية، كما لا يمكن لنا القبول بالحجج المعتادة كالأمراض النفسية، ونعلم علم اليقين أن هناك قضايا مهمة عالقة لم يجرِ التعامل معها بالشكل الصحيح والمبكر، فأصبحت في مرتبة الأهمية القصوى، ومن حقنا لو أردنا الآن إلقاء اللوم على من خفَّف من تلك القضايا حينما كان بالإمكان علاجها، خاصة جماعة نصف الكأس الممتلئ من الذين أشبعونا تفاؤلاً واتهمونا بالتشاؤم والمبالغات، لكن ليس هناك من فائدة في ذلك، اللهم إلا التذكير بأن من خفَّف أو هوَّن من تلك القضايا لا يصح إلا أن يكون جزءاً من فريق الحلول المناسبة لسبب بسيط أنه لن يتمكن حتى لو «نيته طيبة». ومن المهم أن تعلن الشرطة نتائج تحقيقاتها بكل شفافية، معرفة الأسباب الحقيقية والكشف عنها مقدمة لعلاجها، وغير ذلك سيحقق ضرراً لا يعرف مقدار حجمه.
لقد كان من المؤسف أن قضايا مثل البطالة والتوطين، وهي مشكلة إدارة اقتصاد ومجتمع يسأل عنها الفريق الاقتصادي في البلد، تحولت إلى فرص تجارية استثمارية لفئة قليلة، وأعتقد أن ذلك ساهم في إطالة أمد علاجها، والمتابع للشأن العام يتذكر أنه جرى تقسيط «تلك الفرص» بالدفع للعمل في القطاع الخاص مع ضيق بابه، ودون توفير البيئة المناسبة فيه، كالأمان الذي يتوفر في الوظائف الحكومية، وعلى مدى سنوات قدمت وجبات من الشباب والشابات لمراكز ومعاهد تدريب مهلهلة، وجرى ما هو معروف من امتصاص مدخراتهم لدرجة وصلت إلى عدم الاعتراف بشهادات، واستغلت أسماءً بالتوظيف الوهمي دون ردع للقطاع الخاص، وأتذكر جيداً التحذيرات وقتها، كنا نراها خطراً وكان البعض يراها فرصة تجارية اهتبلوها ولن يمانع هؤلاء من اهتبال المزيد، أشجارهم من عرق البشر تروي، وبها يتطاولون ولا يخجلون.
نداء:
لا تنسوا أسرة الشاب.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على في ظروف غامضة

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    والله المقال مكتوب بالعربي ومفهوم وواضح .. لايكون صاحب الاختصاص يابو احمد
    مايقراء الا بالفرنسي والا بالياباني .. وانا اقول المغراف ترى اندق في الزير ..
    واجري على الله .. (المغراف هذه ترى ماهي تكروني .. ) وشكرا

  2. سليمان الذويخ كتب:

    كل شيء يا اخي الفاضل ممكن نقول عنه كما كان المسؤول العاجز يقول :
    خذ مثلا :
    – التفحيط ::::: لا لا لم يصل عندنا لحد الظاهرة ،،،
    وعندما وصل وتخطى الحد ما وجدنا الا ظاهرة اخرى تنسينا اياه!

    – المخدرات : لا لا لم تصل عندنا لحد الظاهرة ،،،
    وعندما وصلت وتخطت الحد ما وجدنا الا ظاهرة اخرى تنسينا اياها!

    – السرقات : لا لا لم تصل عندنا لحد الظاهرة ،،،
    وعندما وصلت وتخطت الحد ما وجدنا الا ظاهرة اخرى تنسينا اياها!

    – الفساد : لا لا لم يصل عندنا لحد الظاهرة ،،،
    وعندما وصل وتخطى الحد لم نجد ظاهرة اخرى تنسينا اياه!

    وهكذا يقال عن الإنتحار وعن فوضى المدارس والكليات والجامعات والمستشفيات

    لأصمت احسن

  3. عاصفة الصحراء كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    تحية طيبة استاذ/عبدالعزيز ، وجميع متابعيك الاكارم ..

    رحم الله ذلك الشاب وغفر الله ذنوبه والهم اهله وذويه الصبر والسلوان .
    استاذي الفاضل ، بعيداً عن تداعيات الحدث والسبب الذي ادى بالشاب الى الانتحار ، هذاالخبر يعطينا مؤشراً على تنامي سلوكيات اجتماعية خاطئة وخطيرة للغاية ، من وجهة نظري – المتواضعة جداً – ان غياب التوعية الدينية والدعوية يجب ان تكثف مع مثل هكذا خبار ،وان نهتم بالشأن الداخلي اكثر واكثر ، ثروة الوطن شبابه ، ايضاً استغرب من مؤسسات الدولة العامة والخاصة ان لا تقيم وزناً لمثل هذه الحادثة والتي ربما يأتي علينا يوم نجد فلول الشاب المتعلقة -انتحاراً- بين كباري وانفاق وطننا الحبيب ،عندها سيملأ شباب الوطن المناطق التي مازالت شاغرة ولن ينافسهم عليها احد ، سيملأون المقابر.

    حالة مثل هذه الحالة ينبغي ان لا تدرس من جانب الجهات الامنية فقط ، بل ارى ان يتم دراستها من كل الجهات الامنية والطبية والاقتصادية والاجتماعية والدينية ، لندرك حجم الرفاهية – المخاطرة – المستقبلية التي نقدم عليها ، حتماً سيكون الخطأ خطئاً وطنياً بامتياز ، لذلك كان لزاماً على كل مسئول ان يستشعر المسئولية والامانه المربوطة في عنقه والتي سيقف بها امام الله تعالى يوم يلقاه ..

    انتهى موضوع الشاب رحمه الله وغفر له ذنوبه ، اسأل الله ان يلطف بحال اسرته ، ولكن من يعوضها في فقيدها ، من يعوض الوطن في فقد ابنائه ، من المسؤول؟، ومن المقصر؟ ، وماهو العوض ؟.

    استاذي الفاضل ابو احمد ، اسمح لي ان اخالفك هذه المرة ، الظروف ليس غامضة كما توقعت ، الظروف كل يوم تتكرر ، كل يوم نراها شمالا وشرقا وحنوبا وغربا ، مايتغير هو السيناريوا و ” الحدث نفس الحدث ما طرى علم جديد ” .

    اسف جداً على الاطالة ولكن الحديث ذو شجون ، شكرا ابو احمد وشكرا لمتابعيك على سعة صدوركم.

التعليقات مغلقة.