مخدرات «التصانيف»!

مسكين شعب «توغو»، البلد الفقير الواقع غرب قارة أفريقيا، بسكانه الـ7 ملايين، إذ صنفتهم الأمم المتحدة كأتعس الشعوب في العالم، أو الأقل سعادة، توغو بلد فقير يعيش سكانه على الزراعة والرعي، يصدر البن والقطن والكاكاو، فيما تصدرت الدنمرك وفنلندا وهولندا القائمة عالمياً، عربياً جاءت الإمارات العربية في مقدمة الدول العربية «17» والسعودية في المرتبة «26» ثم الكويت فقطر. لم التفت لهذا «التقرير» إلا حين «غرد» على «قولة أهل تويتر» بعض المسؤولين الخليجيين به، على اعتباره إنجازاً وكتب آخرون ممتدحين الوصول إلى هذه القمة «المراتبية»، مؤكدين أنها حقيقة واقعة لا ينكرها سوى أعمى بصر وبصيرة.
ركزت الأخبار عن هذا التقرير الأممي ومقاوله الكندي على الأكثر سعادة في الرتب العالمية بعيداً عن التفاصيل حيث تكمن «التعاسة» فيها! الرابط بين الدول العربية «السعيدة» هو مدخولات النفط بقسمتها على عدد السكان، الطريف أن السعودي بحسب أرقام التقرير يحصل على 4083 ريالاً في الشهر وإذا اعتبرنا 83 ريالاً بدل نقل «خط البلدة»، نرى أن الرقم يزيد بـ 500 ريال فقط عن الحد الأدنى المقترح للأجور، بمعنى أن المشوار قصير للتعلق بخط السعادة الأممي، لكنك إذا تفحصت التقرير من زاوية أخرى تكتشف إشارات مهمة تقول، بحسب موقع «العربية نت»: «الملفت أن التقرير أظهر أنّ الثروة ليست هي ما يجعل الناس سعداء، بل إنّ الحرية السياسية والشبكات الاجتماعية القوية وغياب الفساد، هي جميعها عوامل أكثر أهمّية وفاعليّة من الدخل المرتفع في شرح الاختلافات في السعادة والرفاهية»… انتهى.
ويبدو أن هذا «طاف» على بعض المهللين للتقرير، ولا أشير هنا إلى مؤامرة أو دس محلول التعاسة في «برطمان» السعادة بل أتصفح قراءة (بعض أهل الخليج من المؤثرين) للتقارير، إبراز ما يعجب وتبنيه والترويج له دون الغوص في التفاصيل المهمة.
قبل هذا التقرير ظهر آخر عن السعودية قائلاً: «إن مستوى الرضا يتجاوز80 في المئة» وهو من صنع أو طبخ مركز «دراسات» مجاور، وعلق عليه أيضاً بإيجابية حيث اعتبرها حقيقة يستغرب ألا يراها الناس!
الإنسان الطبيعي البسيط يعتمد على حواسه، ينظر بعينيه ويشم بأنفه ويتلمس بأصابعه، كل ما كانت حواسه قوية، وإذا اعتراها الضعف يبدأ بالشك أكثر فيسأل هنا وهناك، قائلاً: «تشمون اللي أشم» أو «كن فيه ريحة عطبة»!، وحينما تضعف الحواس أكثر يبدأ في الاعتماد كلياً على وسائط وأدوات وربما حواس آخرين من الموثوقين الذين لا يؤجرون حواسهم كالشقق المفروشة، أما أن يتبى شم أنف بعيد جداً عما يريد التأكد من رائحته فهذا من… «واخذ بال سعادتك».
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على مخدرات «التصانيف»!

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    أستاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وأخذ بالي يابو احمد وكله تمام ياافندم …. صدق من قال من انتم !!!!
    أقولك يابو احمد … اليوم خميس وفي هذا اليوم الفضيل الناس صائمين
    وخلينا رائقين الله يرحم والديك ويوم السبت نتفاهم وخلينا اليوم داخل
    الصندوق وشكرا 

التعليقات مغلقة.