النأي بالنفس عن المواجهة!

قبل أن ينقشع غبار التفجير الإرهابي البشع في بيروت، حرصت قناة «المنار» التابعة لحزب الله اللبناني على الإشارة إلى أن النظام السوري هو «أول» من أدان التفجير «الإرهابي والجبان». ظهرت «الأولوية» على شريط أخبارها بسرعة، وكأن أولوية الإدانة إعلان براءة في الجانب «الرمادي» من الخبر، أما في جانبه «المظلم» فكأن من «أدان» جهز البيان، وانتظر إشارة ما. وحين بدأت الأخبار تتحدث عن فقدان العميد وسام الحسن وعدم رده على الاتصالات، حرصت «المنار» على نسب الخبر إلى قناة «المستقبل»، ثم أصلحت حالها بذكر «عدد من وسائل الإعلام»!
بدت قناة حزب الله اللبناني ومراسلوها في حال ارتباك، على عكس ما تعود منها، مثلها مثل وزراء من حلفاء الطاغية بشار الأسد في لبنان، وحرص جميع حلفاء نيرون سورية في الحكومة اللبنانية على الإدانة والتأكيد على ضرورة التروي والحكمة والتمسك بالاستقرار.
ومثلما يعلن رئيس وزراء لبنان موقف النأي بالنفس عن القضية السورية، حرص حزب الله من خلال قناته على الابتعاد قدر الإمكان عن «المعلومات»، وهو الذي كما يقول يملك شبكة معلومات تقارع مخابرات إسرائيل!
إرهاب الدولة أخطر بكثير من إرهاب مجموعات وتنظيمات، وحينما يتستر عليه بعض السياسيين أو ينأون بأنفسهم عن مواجهته وكشفه، فهم يمارسون النفاق لا في حق الضحايا وبينهم رئيس فرع المعلومات في الأمن اللبناني فقط، بل في حق البلد الذي يدعون حمايته والحرص عليه، فكيف يدّعون حرصاً على قضايا أكبر من هذا البلد الصغير.
ويمكن لك تخمين قيمة وقدرة رئيس حكومة لا يستطيع حماية رئيس معلومات أمنه العام من الاغتيال، ورئيس دولة لا يستطيع اتخاذ موقف من دولة مخابرات تعبث بأمنه، ففي لبنان أصبح النأي بالنفس أسلوباً سياسياً طويل الأمد للبقاء في الواجهة السياسية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.