«السستم» و«البستم»

السائق هو أضعف حلقة في سلسلة المسؤولية، منذ كارثة طائرة «الترايستار» قبل عقود من السنين إلى شاحنة الغاز (الخميس الماضي)…، الحق كان على السائق! وبدلاً من العبارة الشهيرة في التحقيقات الجنائية «قيّدت ضد مجهول»، تستبدل أو تقيّد «ضد سائق»، حتى وزير النقل دائماً ما يضع مسؤولية حوادث الطرق على السائق.
والحقيقة مُرّة وفي الدواء مرارة، أما الحقيقة فإن لا أحد – في المعلن – يسائل أجهزة حكومية على تراخيها وعدم أداء واجباتها كما يجب أن تكون المساءلة. من هي الجهة المتخصصة التي تستطيع أن تقول لنا إن هذا الجهاز أو ذاك يؤدي عمله بكفاءة؟ من الذي يقيِّم عمل ذلك الجهاز أو الجهة غير تصريحات إدارته؟! ولتصحيح فهمي واستيعابي المحدود، اذكر لي جهازاً حكومياً منذ وعيت على الحياة اعترف بتقصير أو خطأ، لمرة واحدة!؟
فهمنا التقنية الحديثة بالمقلوب، وتطوّرنا نظرياً من الإدارة بالتعاميم إلى الإدارة بالكاميرات والرد الآلي، استهوانا الريموت كنترول، وبقيت التصريحات الصحافية معضوضاً عليها بالنواجذ، فهي الإعلان المصوّر الذي يقول «نعمل لأجلكم»، ولا أحد يدقق في نوعية هذا العمل ولا نتائجه.
مسؤولية السائق في انفجار صهريج الغاز حقيقة لا يختلف عليها، إلا أنها نتيجة لما قبلها، فما الذي جعله مستهتراً أو مسرعاً أو حتى «مقضماً» فيما لو اكتشف ذلك. يبقى السائق مسؤولاً، لكن حلقات السلسلة الأخرى الباقية على حالة التخشب تنتج كل يوم آلاف السائقين من هذا النوع! ماكينة ضخمة تضخ وتقوم بالتعديل و«الترهيم» لمن فيه بقية أمل التزام بالنظام والانضباط، ليس بالضرورة أن يكون أولئك السائقون ينقلون الغاز والوقود الخطر، المؤكد أن مركباتهم محملة بالأرواح وتهدد أرواحاً أخرى.
هؤلاء المتكاثرون كل يوم علموا أن «الدرعا ترعى»، وأن «السستم» تحول إلى «بستم»! لذلك فإن سرعة إيصال «الردود» بحسب لغة السائقين، أياً كان نوع الحمولة، هو الانضباط الوحيد المعمول به.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على «السستم» و«البستم»

  1. الاستاذ عبدالعزيز سلمه الله
    ليس كلام وزارة النقل الفيصل في حادث المعيزيلة الخميس الماضي لسبب عدم وجود هيئة سلامة طرق بالمملكة لتحميل مسؤلية الخطاء للسائق -الطريق- السيارة
    ونجد التركيز على الجهة الاضعف وهو السايق
    ولاننسى قيام معظم الشركات بدفع بدل اضافي للسائقين عن كل رحلة عمل مما يبيح لهم الاهمال بالسلامة
    يجب العودة لتشريع نظام السلامة المرورية على الطرقات وعدم اعطاء المرور او وزارة النقل اي دور للتحكيم في الكوارث

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    مادام الامر كذا يابو احمد .. اذا خلينا من جد سكتم بكتم .. الله يديمكم استاذنا .

  3. أحمد كتب:

    يبدو أن مقطع اليوتيوب التالي يثبت ماقلت: الدرعى ترعى والسستم تحول الى بستم

    http://www.youtube.com/watch?v=dGt0RnZcO88&feature=youtube_gdata_player

التعليقات مغلقة.