دراسة متكاملة الوجوه و «الكتوف»

من أيسر الأجوبة عند طرح قضية، بحثاً عن حلول، القول بضرورة إعداد دراسة عنها. يُستخدم الجواب كثيراً في الإعلام من مسؤولين أو من حريصين على الظهور بأقل قدر من الخسائر.
صحيح أن دراسة قضية هو مقدمة لمعرفة أوجه النقص وتلمُّس أدوات العلاج الناجع. هذا صحيح نظرياً وعملياً، ولا خلاف على ذلك.
لكن تجربتنا الإدارية، لا سيما الحكومية منها، استطاعت تغيير هذا المفهوم البسيط المتفق عليه، ولأن التصريح والقول بـ «ضرورة إعداد الدراسات» صار وسيلة، للهروب إلى الأمام مماثلاً لـ «قريباً» و «سيتم ونسعى»، فيه تأجيل وتسويف، واحتمالات أخرى ضعف تأثيرها فقد تم تطويرها.
العبارة المستخدمة عادة هي «ضرورة إعداد الدراسات» أو «إننا بصدد إعداد دراسة». وفقدانُ أثرها الإعلامي، دفع إلى تطويرها وفق نظرية النشوء والارتقاء في ما يبدو. كانت «إعداد دراسة»، ثم أصبحت «إعداد دراسة متكاملة»، ثم تطورت إلى «إجراء دراسات استراتيجية علمية متكاملة»، حصلت على ترقية أخيراً، لتصبح «إعداد دراسات استراتيجية علمية متكاملة من الوجوه كافة»، لاحقاً سيتم إلصاق الوجوه بالأكتاف لمن يعرف طرق هبشها.
من أسباب تحول إعداد الدراسة إلى عذر، أنْ لا أحد سيُسأل عنها، وهل تمت، وتالياً… طُبقت أم لا؟ وربما يقوم مسؤول جديد بحفظ دراسة أعدت ممن سبقه، لأن شبحه حاضر في المكتب.
أكبر «دراسة» تعد في البلاد هي خطة التنمية. وزارة كاملة تقف خلفها، وموظفون كثر لا شغل لهم إلا «العمل عليها». انظرْ ماذا تحقق من هذه الخطط. مع وزارة تقف خلفها، هذي هي حال الكبيرة فكيف بالصغيرات المنتشرات في كل ركن حكومي يحتاج إلى مكبر للبحث والتدقيق.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على دراسة متكاملة الوجوه و «الكتوف»

  1. الاستاذ عبدالعزيز سلمه الله
    كل مانسمع عن الدراسات التي تعمل لخطط التنمية نحس اننا من عالم مختلف وبعد ننسى من كثرها باقي شي واحد وتتطابق ان تكون خطط التنمية عشرية (الفنسى تاكل وتنسى)

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    هي ضمن المسكنات زيها زي الفولتيرين .. زي البنادول .. زي الاسبرين
    واحنا عالم همنا كله .. في امر واحد ايش نتغدى وايش العشاء والباقي
    مالنا شغل فيه وشكرا

التعليقات مغلقة.