في حديث جانبي عن نشاط جهاز حكومي تحدث المسؤول عن مشروع، وحينما جاء ذكر الكلفة قال مبتسماً «الأرقام التي تعجب الصحافيين»، توقفت عند هذه العبارة، صحيح أن الصحافة تبحث عن عناوين وأرقام، لكن هذا لا يعني أنها الهدف الوحيد، الأرقام مؤشر، ليس إلا! القيمة الحقيقية لا تُحدث أثراً إلا عند حضور الإنجاز وتلمسه.
وكأن ضخ الأرقام الضخمة تحول إلى هدف، على رغم أنه معلومة من ضمن قائمة من المعلومات عن مشروع أو خطط وموازنات، إنما معلومات أهم تغيب أو لا يجري الاهتمام بها ربما لنوعيتها وحاجتها إلى تفاصيل وتقصٍّ.
ولا يبدو الخطاب الإعلامي الرسمي مستجيباً للمتغيرات في الداخل والخارج، من الواضح أنه لا يستطيع ذلك، ضخ الأرقام ثم إعادة ضخها مرة أخرى بعدما ثبت عدم تأثيرها، أو استنفاد تأثيرها خلال سنوات خلت، يؤديان إلى عكس النتائج المرجوة، خصوصاً مع إعلانات رسمية عن إخفاقات.
من كثرة الأرقام يتحول المواطن إلى موظف «تلر» في بنك، وظيفته لا تتعدى عد وفرز النقود، علاقته بها تنتهي بعد صرفها أو إيداعها في حساب المستفيد، حتى «مرحباً ألف» لم تعد مؤثرة عند التحية، فما هو الألف مع البلايين؟ تضاءلت الأرقام الضخمة فانتبهوا من تضاؤل الأحلام المرتقبة!
ما هي الأسباب؟ من الأسباب وصولنا إلى حالة تشبع من الضخ «الرقمي» مع إنجازات على الأرض لا تتوافق مع القدرة والحاجة، الأخيرة أسرع في الاتساع من لحاق الأولى، لدينا فائض في التشبع الرقمي أيضاً مثلما يقال عن فائض الموازنة، إن ما نحتاج إليه أكثر من تكرار ضخ أرقام الموازنات في تصريحات لاحقة ستستمر بحسب طبيعة صحف محلية، الحاجة هي لإصلاح إداري واضح المعالم، نحتاج إلى أن يقال علانية للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، التوازن «للمجتمع» مهم في الضخ الإعلامي مثلما هو مهم في الموازنة.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
الاستاذ عبدالعزيز سلمه الله
الحمدللله انها احلام على الاقل توسع الصدر اذا كانت جميلة ولكن الخوف من الكوابيس ( مثل نجدي ما كل بيضا شحمة) اللهم استر والطف.
الارقام القياسية للميزانية ليست جديدة .. ربما هي
الاكبر – فقط – هذه السنة .. ولكن العبرة ليست في
ضخامة الارقام بل في حسن التدبير ( الولي المصلح )
.. وقد تكون العبارة التي أوردها احد الكتاب نقلا عن
قارئ يقول ان ميزانية وزارة الصحة عندنا اكثر من كامل
ميزانية الأردن ومع ذلك بعضنا يعالج هناك لأنه لم يجد
سريرا هنا .. وهذا ما يعبر عن واقع الحال المايل لدينا
استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
صحيح وانت صادق يابو احمد .. الارقام اللي قاعدين نشوفها ..
تزغلل العين .. لكن سبحان الله تتبخر بعد اسبوع وتتلاشى
وتذهب مع الريح .. وشكرا