قصة الصمت

إذا كنتَ ممن يحتفظ بأية معلومات أوصور عن أحداث 11سبتمبر، على جهاز كمبيوتر أو تحت “بيت الدرج” فانتبه لنفسك!؟ ربما تجد صورتك على صدر الصفحات الأولى للصحف، وشاشات الفضائيات، مشتبهاً فيه بالتورط مع المتهمين بتنفيذ التفجيرات.. الأمر أبسط مما تتوقع، سعود عبدالعزيز الرشيد، الشاب 21عاماً، متهم بذلك، تقول جريدة الشرق الأوسط نقلاً عن مكتب المباحث الفيدرالي الأمريكي الذي أصدر مذكرة توقيف دولية بحق الشاب، إن سبب التهمة.. قرص كمبيوتر مدمج تلقاه المكتب قبل ثلاثة أشهر يحتوي على صورة جواز الشاب وصور لمنفذي الهجمات، أزعم أن مئات من الشباب و”الشياب” احتفظوا بصور للمتهمين بتنفيذ الهجمات إما على أجهزة كمبيوتر أو على أقراص مدمجة، ولا يعني هذا وجود علاقة من قريب أو بعيد، لقد كان الحدث صاعقاً ومثيراً وشغل كل الناس من دون مبالغة، وأكثر من شغل به أهل هذه البلاد المتهم بعض منهم بالمشاركة فيه، دعونا نكمل القصة نقلاً عن الجريدة التي تنقل عن نائب مدير مكتب المباحث قوله: “إن قرص الكمبيوتر وصل إليهم من دولة طلبت عدم الكشف عن اسمها بسبب قلقها من أن التعاون مع الولايات المتحدة ربما يثير غضب الجماعات الأصولية لديها التي تعارض الحرب ضد الإرهاب!!!، المعنى هنا أنها ليست إسرائيل؟!، والنكتة المضحكة المبكية أن الصحفي سأل نائب مديرالمباحث هل الدولة باكستان؟، فامتنع عن التعليق؟، باكستان؟.. أبداً ليست متعاونة مع الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب!!.. الدولة التي استقبلت القوات الأمريكية على أرضها تخاف من ذكر علاقة لها بقرص كمبيوتر فيه صورة جواز شاب سعودي، وصور المتهمين، طبعاً اسم باكستان محشور هنا حشراً، فهي تعلن قولاً وفعلاً مشاركتها في الحرب الأمريكية ضد ما يسمى الإرهاب، ورئيسها كاد يضحي باستقرار بلده وبمنصبه لهذا الغرض.
لكن المسؤول الأمريكي الذي نقل عنه الخبر يقول بتوازن إنه ليس لديهم دليل واحد يفيد بتورط الشاب الرشيد في أحداث 11سبتمبر، ومن المهم أن نتفهم أنهم في أمريكا لا زالوا يبحثون عن معلومات فحتى المتهمون لم يتركوا وراءهم دليلاً واحداً، وهم يريدون الشاب للاستجواب الذي قد يقصر أو يطول، لذلك إذا كنت ممن يحتفظ بصور المنفذين أو أي معلومات عنهم أنصحك بحذفها فقد تتهم أنت أيضاً بعلاقة مثل تلك، لكن لماذا أعرض عليكم قصة قد يكون أغلبهم قد قرأها!؟، السبب أن لا جهة رسمية اهتمت إعلامياً بهذا الخبر وأمثاله، وحتى نلقي مزيداً من الضوء على ما أريد قوله “على طريقة الفضائيات” اقتطف جزءاً من مقال للدكتور غازي القصيبي نشره في جريدة “الحياة” الأربعاء الماضي، والمقال الذي أتفق مع ما جاء فيه.. عنوانه “ليس من صالح السعودية دخول مواجهة مع أمريكا”، يعدد فيه الدكتور غازي أسباب الحملة الأمريكية على السعودية فيأتي بأسباب خارجية وأسباب داخلية وهي ما يهمني هنا.. يقول: “وكان مما ساعد على نجاح الحملة وتجذيرها حقائق متوسطة منها أن معظم الإرهابيين كانوا بالفعل يحملون الجنسية السعودية، ومنها أن المملكة قابلت الاتهامات المتعلقة بتطرفها وتمويلها الإرهاب بصمت ومن دون تقديم دلائل تنقض الاتهام والدلائل موجودة”، انتهى كلام الدكتور غازي، فلم الصمت؟!، لم الصمت على اتهام فرد أو جماعة من المواطنين؟، على الأقل نقول ما لدينا من معلومات ونشارك في ما يحدث، لقد قام الصحفي في “الرياض” خالد الزيدان بما كنا ننتظر مثله من جهة رسمية عندما أجرى حواراً مع والد الشاب الرشيد، وهو عمل يستحق الثناء عليه، لكنني أعيد التساؤل لماذا نقابل الاتهامات بالصمت!؟.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.