عن التطوع

 كان مجتمعنا الي وقت قريب يقوم على النخوة والفزعة،ومع المدنية والتغير الاجتماعي الذي رافقها تبدلت الامور الي حد كبير، التطوع فكرة عظيمة وكبيرة فيها من نكران الذات الشيء الكثير فهي في الاساس بلا مقابل مادي
بل لها مقابل معنوي ،ترتوي فيه ذات المتطوع مادام مخلصا للنية محتسبا، في القديم كانت المجموعة تقدم خدمات النجدة والمساعدة، بمعناها الواسع،  للفرد، ومع نشوء أجهزة أوليت  مهام تلك الخدمات ،فترت أو تراجعت حيوية تلك العادة الحميدة، فلكل قضية جهاز معني بها، وظهرت جملة إعتذارية اثيرة تقول: هذا ليس من إختصاصنا·
ويأتي الاهتمام بالتطوع وتنظيمة والتوعية بشأنه في وقت أقتصادي حرج في تقديري، إلا أن هذا يجب أن لا يهبط الهمم في التعريف والترغيب بهذه الخدمة الجليلة·
غرس مفهوم التطوع يأتي من المراحل الدراسية الأولى بداية ثم يتصاعد ويجب أن لايربط بشكل مباشر بدرجات او تقديرات حتى يتعود النشء الجديد علي العمل بمقابل معنوي ذاتي ،وحتى نصل لهذه النقطة لابد أن نعرف رغبات وتوجهات الجيل الجديد حتى يمكن توجيهها التوجيه الأمثل لنحصل علي العطاء المأمول، وينبغي ان يغرس في الأذهان أن التطوع ليس بحثا عن سلطة على أحد أو مكانة وطموحا  للبروز،أنه في نظري يتعارض مع ذلك تعارضا كاملا!، فهل لدينا الأرضية المناسبة لتطوع إيجابي من هذا النوع نحن في آمس الحاجة إليه؟، أترك الأجابة لكم، لكن لو قدر لنا أن نطور فزعتنا السابقة الطيبة العاقلة ،وليست تلك  الجاهلة لربما أختلف الوضع وحصلنا على مانريد وآدركنا الركب،
وآتمنى أن يناقش المهتمون بنظام التطوع الذى ننتظره قضية في غاية الأهمية ومغفلة لدينا ،الا وهي الأحكام التي تصدر في بعض القضايا البسيطة والتي لو تحولت الي احكام للألزام بخدمة إجتماعية معينة لتحقق منها النفع على أكثر من وجه ليس هنا مجال لشرحه،وهو شكل من اشكال التطوع والأستفادة من الطاقات المهدرة وهو أيضا شكل من أشكال التعليم والتربية والتناغم بين الفرد والمجتمع، وهو وسيلة لأكتشاف مكنونات قد يكون الأفراد فشلوا في إكتشافها،أو لم تتحقق لهم الفرصة المناسبة لذلك،
أقول هذا عن إيمان به، وأتذكر زميلا تطوع يوما في مكان ما فصادفه رجل كبير في السن من أهلنا ورأى حماسه في العمل فسأله عن مرتبه كم؟، أجاب عليه الشاب قائلا أنه متطوع للعمل “بلاش”،قال الرجل  [ياوليدي شغل البلاش مدعاة للشك]، فليس في فكر مثل هذا الرجل أن شخصا عاقلا يمكن أن يعمل “بلاش” وأن من يقوم بذلك سيكون محط ظنون الناس وشكوكهم ،··”أكيد مهو محتاج”، “شايف له شوفه” وهلم شكا··!،أمر أخير يجب أن يعيه العاملون في القطاعات التي يفترض أن تحتضن المتطوعين،وهو أن هؤلاء لايمثلون منافسة لهم بل مساعدة ،فلابد أن يتعاون معهم لا أن يحاربوا ليثبت أولئك أنهم  الوحيدون الذين يعرفون دقائق العمل على أكمل وجه، تغيير هذه الذهنية ليست بالامر السهل لكنها بالدأب ليست مستحيلة·

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الاقتصادية. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.