كبلته الديون فأصبح منزوياً لا يرغب بلقاء أحد، ولازال يحاول المقاومة، لكن هذه الديون لم تكن لأغراض استهلاكية ولا كرم «مفاطيحي» ضل طريقة، بل فزعات من نوع آخر لا تخطر ربما على بال أحدكم.
بحكم عمله الطويل في أحد المستشفيات الخاصة كان الأصدقاء والمعارف ومعارف المعارف يلجأون إليه عند الشدة والضيق، لتسهيل الدخول والخروج، المستشفيات الخاصة لا ترحم من لا يدفع مقدماً أو لديه تأمين سمين، والحالة التي تصل اضطرارية، وهذا أو ذاك احضر ابنه أو زوجته لقسم الطوارئ وسيعود ليدفع، لذا يقوم صاحبنا بالكفالة والدفع في تلك اللحظة الحرجة، وما أن يرتاح المستفيد ويطمئن على أهله حتى ينقشع الضباب عن أخلاقه، نسبة من «المستفيدين» لا يدفعون ويتهربون أو يفاوضونه وهو ليس إلا موظفاً على خصومات، والمستشفيات لا ترحم موظفاً أو مريضاً!، تراكمت الديون عليه، ومن الطريف أن صاحبنا كلما رأى طفل أحد معارفه القدامى وعمره أربع أو خمس سنوات تذكر أنه يطلب الأب مبلغاً من المال دفعه عند ولادة هذا الطفل. بينه وبين نفسه سمى الطفل «مديون» ليتذكر ولا ينسى، أما الأب فنسي المعروف مثلما نسي الصديق، وربما وضع رقم جواله ضمن قائمة الرفض!