كشفت لجنة التحقيق أسباب سقوط الرافعة على الحجاج في الحرم المكي الشريف، لتأتي أوامر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حازمة تضع النقاط على الحروف، أوامر لإجراءات احترازية في ما يخص المتسبب والمشاريع الأخرى تحت التنفيذ، ومن جهة ثانية واسى الملك سلمان بن عبدالعزيز المصابين زيارة وتعويضاً لأسر الشهداء مع المصابين، وتوفير فرص الحج لهم العام المقبل لمن لم يتمكنوا من أدائه هذا العام.
والقضية الآن في طريقها إلى القضاء، إذ أمر يحفظه الله «بإحالة نتائج التحقيق وكل ما يتعلق بهذا الموضوع إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لاستكمال إجراءات التحقيق مع (مجموعة بن لادن السعودية)، وإعداد لائحة الاتهام وتقديمها إلى القضاء للنظر في القضية».
سرعة إعلان النتائج كانت لافتة، وقد نبهني صديق إلى سطور وردت في الخبر عن تقرير لجنة التحقيق الذي بثته «واس»، وهي بالنص «ضعف التواصل والمتابعة من قبل مسؤولي السلامة بالمشروع لأحوال الطقس وتنبيهات رئاسة الأرصاد وحماية البيئة، وعدم وجود قياس لسرعة الرياح عند إطفاء الرافعة، إضافة إلى عدم التجاوب مع العديد من خطابات الجهات المعنية بمراجعة أوضاع الرافعات وخصوصاً الرافعة التي سببت الحادثة».
ومن الواضح أن تنبيهات رئاسة الأرصاد لا تهتم بها بعض الجهات فتحدث نتائج كارثية! الجزء الآخر، وهو بالأهمية نفسها، حدد في «عدم التجاوب مع العديد من خطابات الجهات المعنية بمراجعة أوضاع الرافعات وخصوصاً الرافعة التي سببت الحادثة!».
لم تحدد الجهات المعنية، فلا نعلم دور ومسؤولية كل من وزارة المالية ورئاسة الحرمين وأمانة العاصمة المقدسة وغيرها في تحمل المسؤولية، والمقاول تحمل «جزءاً» منها، إلا أن الخطابات إذا كانت بمثل هذا الوضوح أي تحديداً «مراجعة أوضاع الرافعات»، فهي أيضاً تشير إلى عدم متابعة فعالة تحدث تغييراً، فإذا كانت الجهات المعنية اكتشفت وحذرت ولم يتجاوب معها مسؤولو السلامة في المشروع، فماذا فعلت مقابل عدم التجاوب ذاك؟ ولماذا لم توقف العمل لهذه الرافعة أو تلك؟ هل اكتفت بخطاب آخر مع أهمية المشروع والمكان والزمان المستمر في استقبال توافد مئات الآلاف في الأيام العادية، إن هذه الجزئية من الأهمية بمكان، لأن الغالب على الإدارة الحكومية هو الاكتفاء بالخطابات، فهل تكفي وحدها لدفع تحمل جزء من المسؤولية؟ إن الهدف الأبعد عدم تكرر ما حدث في أي مكان من بلادنا، لذلك من الضرورة فحص كل مفاصل الإخفاق.