من ضمن الدروس العديدة التي يقدمها لنا شهر رمضان الكريم، درس في الحرمان،
الجوع والعطش من أشكال الحرمان في الشهر الفضيل ، ولو حاولنا التدبر لعلمنا الرسالة العظيمة التي يحملها رمضان كل عام، رمضان يذكرنا بمن حولنا من المحرومين ليس فقط أولئك المحرومون من الأكل والشرب، بل الحرمان بمعناه الواسع، وفي إلتفاتتنا لمآسي هؤلاء سنجد ونكتشف الكم الكبير من النعم التي نرفل بها ، قد لايحس الكثير منا بمقدار قيمتها لأنه بكل بساطة تعود عليها، وأصبح يراها حقا مكتسبا، مثل الذي يرى حادثا مروريا وضحاياه متناثرين في الطريق ويقف متفرجا وما أن يقود سيارته حتى يمارس نفس الممارسات التي تؤدي للحوادث ،إنه وقد يكون أنا أو أنت، لايتوقع أن يكون الضحية القادمة، هناك شيء من الغيبوبة اللذيذة نحب أن نستسلم لهدهدتها فتطوح بنا، ونوهم أنفسنا بإصرارأننا بمنأى عن ذلك ولن نكون أبطالا لمثل تلك المآسى، رمضان يحاول أن يذكرنا ويوقظنا لعلنا نفيق من الغيبوبة، نعمة الصحة مثلا لايقدرها الأصحاء أو الغالبية منهم،رغم أنهم يرددون أن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لايراها إلا المرضى، وإشكالية الإنسان أنه يركز على الجوانب المعتمه في حياته تلك النواقص التي يحلم بإكتمالها لتكتمل سعادته، وعندما يراقب الأخرين لاينظر سوى إلي الجوانب والمواقع المضيئة من حياتهم إنه يعزل مايريد بل ويخفف من قيمة قضايا الأخرين ،مأساته أن نفسه هي الشغل الشاغل له مما لايتيح لذهنه التعرف على ما يملك ولايمتلكه الأخرون، لكن رمضان ودروسه العديده والفرص الذهبيه التي يوفرها للمسلمين ،ولاتقدر بثمن ولايمكن إستعادتها، تغلف وطوي بالأستهلاك ليس فقط إستهلاك الأكل والشرب بل الإستهلاك بمعناه الشامل ، أصبح شهرا للإستهلاك الإعلامي، وهو ما ساهم بحيوية سالبة في زيادة دوامة الغيبوبة التي نعانيها ولايسهل الفكاك منها ، رمضان شهر العطاء الناس يعطون بما يحرمون أنفسهم منه إنهم ولابد يتذكرون وقد يهربون مما يتذكرونه بتلك الشحنة الإستهلاكية السالبة التي تغطي رؤوسهم مثل سحابة سوداء ملوثة، محاولات الإيقاظ الرمضانية جعلتني أحاول إيقاظ نفسي قبل محاولة تذكيركم أنتم والتوفيق بيد المنان، الحرمان في رمضان يجب أن يدفعنا للعطاء لإخوان وأخوات لنا يستحقون الوقفة معهم والقنوات لذلك أكثر من أن تحصى، كل رمضان وأنتم بخير ومن الخير يأتي العطاء·
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط