لغة الخرفان

انشرح صدري للقلب الكبير الذي يسكن صدر تاجر الشعير الذي باع الآلاف من أطنان الشعير الفاسد وحرر فواتير بذلك!؟”، ولم توضح لنا جريدة الاقتصادية التي نشرت الخبر هل اكتفى بتدوين عبارة “غير صالحة للاستهلاك الحيواني” في الفواتير أم على أكياس الشعير، وفي كلا الحالتين يبرز هنا “الشعور بالمسؤولية و”انشكاح” الذمة والاطمئنان الذي يحسد عليه، ولو كان الأمر بيدي لأنشأت جائزة “الشعيرة” الذهبية خصيصا لتسلم له في حفل كبير يقام في أحد الأحواش الراقية.
لم تسمح أمانة تاجر الشعير صاحب القلب الكبير ببيع 8000طن من الشعير الفاسد إلا بعد أن يضع ذلك التنبيه، ولا أعرف هل وضعه بلغة الخرفان أم بلغة أخرى!؟، ولا أعتقد أن مستهلكي الشعير من الخرفان والماعز وحتى الحمير تقرأ اللغة العربية، لكن الرجل أراد إبراء الذمة.
ليزيح عن صدره أطناناً من الشعير، ومن المؤكد أن هذا التصرف سيلقى التقدير والامتنان لدى قطعان الخرفان وما جاورها من ذوات الأربع، هذا التصرف يمثل قدوة ونموذجا لتاجر البضائع غير الصالحة للاستهلاك البشري، الذي يحرص على إخفاء كل ما يشير إلى عدم صلاحيتها من طمس التاريخ القديم وتزويره إلى تجديد التغليف، فهل رأى أو قرأ أحد منكم مثل هذه العبارة “غير صالح للاستهلاك البشري!” مرة واحدة في تاريخه على سلعة سيستلمها بعد دقائق!، أتحدى!، ومن هنا يبرز اهتمامي بهذا التصرف الفريد، تاجر الشعير يحترم مستهلكي سلعته ويهتم بصحتهم فهو “يربي زبون” للمستقبل، على هذا الأساس هو يتعامل، بخلاف آخرين من جماعة “اضرب واهرب” آخر ما يفكرون به بطون زبائنهم!، لكن التجار ذمم وهناك فرق!، وعبارة غير صالح للاستهلاك الحيواني تشير إلى أن هناك مستهلكاً آخر غير الحيواني!،.. من هو يا ترى؟،، “أقول لكم وما تزعلون!!”.
احترام تاجر الشعير صاحب القلب الكبير لقطعان الحيوان يمثل سابقة فريدة، ستكون محل تقدير جمعيات الرفق بالحيوان في مجتمعات الغرب، وقد يكون تاجرنا حريصا على سمعتنا في الخارج مثل كثيرين يهتمون بها أهم من سمعة الداخل، هذا التعامل المثير تغير جذرياً عندما طلبت منه لجنة الإتلاف بوزارة التجاره توريد الشعير الفاسد والذي يصل حسب الخبر إلى 8000طن ويوجد في مستودعاته، ماذا فعل؟،
قام تاجر الشعير بإحضار 360طنا فقط من الكمية واستبدل ما تبقى منها برمل ناعم!!؟، هنا نرى أسلوبين متغايرين للتعامل واحد للحيوان والآخر للإنسان!؟، سببهما فيما يبدو لي مقدار الاحترام الذي يكنه تاجر الشعير لكل جنس، وهو سبب يعود لأن لدى الحيوان جمعيات للرفق به في حين لا يجد الإنسان في مجتمعنا مثل هذه الجمعيات، وإذا سمعت يا صديقي خروفا يقول “إمباع”! وهو لا يقول غيرها حسب علمي، توقع يا صديقي أن الخروف يقصد كميات الشعير الفاسدة التي تم بيعها ولا أحد سأل أين ذهبت!؟.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.