«سلفي» مع جثة!

لا بد من التأكيد أننا مستهلكون سيئون لوسائل التواصل، هذه حقيقة لا نعلم نسبتها من كل المستخدمين، لكن السوء يطغى وينتشر بسرعة ويحقق رواجاً أكبر.
وفي الإخبار عن الجرائم على رغم خطورتها، مثل جريمة التوأمين، اللذين قتلا والدتهما وأصابا والدهما وشقيقهما، برز مرة أخرى سوء استخدام وسائل التواصل وجر معه سوءاً من بعض وسائل الإعلام، وانجرف حتى البعض في كتابات لا يمكن وصفها إلا بأهدافها، أي البحث عن الرواج والانتشار بأي ثمن حتى ولو كان تصوير «سلفي» مع جثة متلطخة بالدماء نتيجة جريمة بشعة.
وهذا النوع من «الاستغلال» المخجل، يتكرر مع كل جريمة من هذا النوع، وهو ما يؤدي إلى مضاعفة أخطارها، فهي في كل الأحوال حالة شاذة، لكن الهوس باستغلالها من طريق سوء الطرح الهادف للانفراد و«التميز» والمتكئ على فجاعة الجريمة يجعلها تدخل في دائرة العمومية آثراً اتساع الغوص في تفاصيلها.
إن أسوأ ما ينتج من هذه الجرائم الفردية عند ترويجها بالشكل الخطر، السالف الذكر، خدش أسوار ودفاعات قيم المجتمع الدينية والأخلاقية التي تحول دون مساس الفرد بهذه القيم والتعدي عليها. ويضاف إلى ما سبق استخدامها أيضاً قذيفة يرميها تيار ضد آخر ولا ينتج من هذا سوى زيادة شق النسيج الاجتماعي.
هل توافق على تصوير «سلفي» مع جثة غارقة بالدماء؟ في الغالب لا أتوقع أن عاقلاً أو حتى نصف عاقل يرضى بذلك أو يقبل عليه، وأن كان هناك من شذوذ فهو يثبت القاعدة، لكن النهم إلى الشهرة والانتشار أصبح مرضاً اجتماعياً يعرض على منصات وسائل التواصل الاجتماعي لتستقبله وسائل إعلام محلية أو كتاب وتعيد إنتاجه مرة أخرى، ثم يتحول إلى خبر في وكالات عالمية يشخص واقعاً مريضاً لو تم تتبعه من منصف متوازن يتحرى العدل لوجده حالة شاذة لا يمكن الاستناد عليها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.