عالم «بلير» الأفضل

في هروب إلى الأمام من المسؤولية، بعد تقرير لجنة تشيلكوت الخاصة بالتحقيق في مشاركة بريطانيا في غزو العراق، أصر رئيس وزراء بريطانيا الأسبق وشريك بوش الابن في غزو واحتلال العراق توني بلير على أن العالم أفضل بعد صدام حسين. واستبدال العراق الدولة والشعب باسم الرئيس السابق في العبارة مقصود لإحداث الأثر المطلوب من التبرير. تم اختزال العراق الدولة والجيش والشعب في الرئيس الديكتاتور، ليصدق الكاذب نفسه.
ومن الواضح أن العالم «الأفضل حالياً» الذي يقصده توني بلير لا يشمل دولة العراق ولا العراقيين الذين قتلوا وأصيبوا منذ الغزو، والذين يعانون حتى هذه اللحظة، كما لا يشمل «عالم بلير الأفضل» كل دول العالم العربي خصوصاً المحيطة بالعراق. والمكابرة سمة من سمات بلير كما هي من صفات شركائه من الأرعن بوش الابن إلى وزير دفاعه رامسفيلد، لقد اجتهدت الآلة الإعلامية قبل الغزو والاحتلال لتبريره، وهجمت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا على العراق لتستخدم وتجرب كل ما في خزائنها من الأسلحة الحديثة والمحرمة دولياً، وتم عرض هذا الاعتداء بفخر على الفضائيات، دمرت العراق وأعادته سنوات طويلة للوراء. ثلاث دول تقودها الولايات المتحدة الأميركية ضربت بعرض الحائط كل القوانين الدولية وبذرائع كان من الواضح ساعتها عدم صدقيتها.
كان في العراق ديكتاتور وحيد، وبعد ماكينة العملية الديموقراطية الأميركية – البريطانية توالد العشرات من الدكتاتوريين ولكلٍّ ميليشياته، واصطبغت الدكتاتوريات الجديدة بالطائفية والهمجية، وأصبح ملايين العراقيين نازحين مهجرين في بلادهم يعيشون تحت الخيام، وممنوع عليهم العودة إلى منازلهم المدمرة.
تقرير لجنة التحقيق البريطانية بحث في المصلحة البريطانية فقط وتقصى في حدودها، فهو لم يكن معنياً ولا مستهدفاً البحث عن العدالة ولا عن حقوق البلد الضحية ولا شعبه، ولا المواثيق الدولية، لكنه حتى ولو دان رئيس الوزراء السابق أو حدد ملاحظات جوهرية عليه، لا ينفي مسؤولية الدولة البريطانية ولا الشعب الذي انتخب بلير وحكومته عن تدمير العراق.
«عالم بلير الأفضل» لا يختلف عن العالم الذي بحث عنه واجتهد في صناعته باراك أوباما بالاتفاق مع حكومة إيران، وإعادة تجميلها دولياً لتحقق أهداف تصدير الفوضى.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.