لا نبحث سوى عن شيء من التعقل والتوازن، للفصل بين شعار «الحرب على الإرهاب» المعلن، في مقابل واقع استغلاله سياسياً وعسكرياً لأهداف أخرى، بما يتضمن ذلك من تقوية شوكته بأساليب مختلفة وتضخيم قدراته إعلامياً، ثم «استثماره» لتحطيم دول وتهجير شعوب من أراضيها واستبدالها بشعوب أخرى.
نعم هناك إرهابيون من المسلمين ومن غيرهم أيضاً، كما أن هناك إرهاب دول وحكومات.
لم ينتخب المسلمون أياً من الإرهابيين الذين فجروا أو قتلوا، بل إن الغالبية العظمى والساحقة من المسلمين نبذتهم، ولاحقتهم حكومات دول عربية وإسلامية.
لكن الحكومات في واشنطن ولنــدن تم انتخابها من مواطنين هناك، وعــلى رغم بشاعة ما اقتــرفته واشنــطن ولــندن في العراق وأفغانستان، والكم الضخم من المدنيين القتلى بالـــطائرات بطيار ومن دون طيــــار في البلـــدين وغيــرهما، واســتخدام أحدث الأسلحة، لم يصف أحد مواطناً أميركاً أو بريطانياً بأنه إرهابي. والسياسيون مـــنهم الذين أشعلوا النيران في المنطقة العربية والإسلامية، وعلى رغم تعاقب حكومات جديدة في بلادهم، لم يحــاكموا أو يتم وصــفهم بالإرهاب. إن أقصى ما قيل بحقهم تمحور حول «أخطاء» تخص مصالح دولهم فقط!
ومنذ أن حرص الإعلام الغربي وتابعوه من قنوات إعلامية عربية على وصف تنظيم داعش بـ «الدولة الإسلامية» والتسويق الواضح للعيان يستهدف تضخيم صورته، مع بث إعلامي مبرمج للفظائع التي يرتكبها من قطع الرؤوس والحرق والقتل، كان من البيّن الجهد المبذول لترسيخ صورة ذهنية لوحش ضخم تكفل التبرير لما بعدها مستقبلاً.
وزير الداخلية الفرنسي، مع ضغوط عليه بعد فشل الأجهزة الأمنية في منع حادثة نيس، واتهام بسوء تصرف رجال أمن لاحقوا السيارة مطلقين النار، ما دفع السائق إلى السير بسرعة أكبر وحصد مزيد من الضحايا على امتداد كيلومترين، وقع في تناقضات التبرير، أمام المعطيات الحاضرة، ما بين السجل الشخصي السلوكي للإرهابي، الذي لا يشير إلى علاقة بالدين الإسلامي ولا علاقة بتنظيم إرهابي، وفجاعة جريمة الدهس وإطلاق النار، الذي هز العالم، ليقول الوزير الفرنسي بكل بساطة: «منفذ اعتداء نيس تطرّف بسرعة على ما يبدو»!؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط