هرباً من طوفان أخبار مزعجة ساخنة كسخونة الطقس، أجد في ما ينشر عن الابتكارات والبحوث الجديدة، من طبية إلى تقنية، ظلالاً تستريح فيه النفس قليلاً، تعطي أملاً، فهذا هو العالم الجميل الذي يبحث في التطوير والتحسين، مع صداقة للبيئة والإنسان وخفض للكلفة. والأخبار الجيدة في هذا النطاق كثيرة، إلا أنها تختفي أمام طوفان أخبار الصراعات السياسية والطائفية، وما يسمى الحرب على الإرهاب، لذا لا بد من التفتيش عنها بالمنقاش.
ومما لفت انتباهي أخيراً تقرير في القناة الألمانية عن تجارب يعمل عليها باحثون ألمان لإنتاج خرسانة منتجة للطاقة، وهم خطوا خطوة صغيرة في هذا الاتجاه، والبداية دائمة تكون بخطوة صغيرة.
تأملت حالنا إذا انقطعت الكهرباء أو خارت قوى أجهزة التكييف لتظهر حقيقة قدراتها مع لهيب الشمس وتنزوي حقيقة الإعلانات عنها، ونحن وسط الأفران الأسمنتية التي نعيش فيها.
اخترع الأسمنت منذ ما يقارب 150 عاماً، وما زال يتسيد ساحة البناء والإنشاءات عالمياً، وسيبقى كذلك في المدى المنظور، لكن التطوير والتحسين ممكن، وكلن بحسب حاجاته. وأعجبني تفكير الألمان، إذ جاء من باب الحاجة أُمُّ الاختراع، «لدينا الحاجة أم الاستيراد»، والحاجة إلى الطاقة المتجددة لديهم معروفة، وخفض الانبعاثات الضارة بالبيئة هدف ثانٍ. وعلى رغم أن البناء في بيئتنا قبل دخول الأسمنت للبلاد كان يتم بالطين، وهو الأقرب انسجاماً وتناغماً مع المناخ، إلا أنه تم استبداله «ومنعه أيضاً» بالأسمنت، ويمكن تفهم ذلك لأسباب كثيرة يطول ذكرها، إلا أن هذا لا يعني الركون للمتوافر مع الثمن الباهظ الذي ندفعه، نتيجة عدم تطويرنا لاستخدامات الأسمنت والخرسانة، لتتوافق ولو جزئياً ونسبياً مع بيئتنا ومناخنا المعروف. فهل لدى مصانع الأسمنت المتعددة في بلادنا مركز أبحاث واحد للبحث في هذا الاتجاه، على رغم عملها الطويل وأرباحها المرتفعة المتراكمة؟ لا أعتقد ولا أظن أنهم يفكرون في هذا الاتجاه، فهو في عرفهم من مسؤوليات الحكومة!
ولا يذكر لجامعاتنا ومراكز البحوث فيها أي دور في هذا، مع أن مراكز الأبحاث موجودة كما يعلن، وأيضاً جامعة متخصصة أو هي خصصت للعلوم ومدينة لها وللتقنية وكراسي أبحاث تحولت إلى كنبات.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
جميل منك عزيزي الاستاذ عبدالعزيز
في تعرية وابراز المتخبي مثل هذه الأفكار المتذبذبة
ليس غريبا علي د عبدالله النفيسي في تغيير أفكاره فوجهات نظرة متقلبة ترقص علي الحبلين
منذ عرف كإعلامي في الثمانينات القرن الماضي