أحلم بفريق

ليس فريق كرة قدم، ولا فريق ترفيه، ولا سياحة، أيضاً ليس فريقاً من الشبان والشابات نرسله إلى الخارج ليقال عنا ما نتجمل به! بل فريق من خبراء يجمع مختلف التخصصات «عملياً» بالدرجة الأولى وليس أكاديمياً، ينتقى بعناية فائقة، الفائقة هذه هي مربط الحصان، فلا يكون للمزاج الشخصي دور أو الدور الوحيد في الاختيار، ولا يكون «الذكاء» الاجتماعي قطار المرور. مهمة هذا الفريق أن يفكر في مختلف الشؤون التي تشغلنا سياسياً واقتصادياً وإعلامياً واجتماعياً، ليضع السيناريوات المحتملة والخطط لمواجهتها.
ومن شروط الانضمام إلى هذا الفريق أن يكون الأعضاء من المبتعدين عن الصراع على المناصب، ولا تشغلهم شجون الوظيفة، ومن خارج دائرة «تضارب» المصالح، نعم يجب أن يكونوا مكتفين، ولكن بالعقل لا على طريقة الهوجة المستشارية، التي نعيشها منذ بزوغ «شمس» الشركات الاستشارية العالمية في بلادنا، التي انطلقت مع «نطاقات» ليصبح الاقتصاد كله نطاقها. مع ضرورة أن يكون تطلع الفريق المقترح إلى الأعلى والأسفل بالنسبة نفسها، وهذه نقطة جوهرية. هل تكوين مثل هذا الفريق صعب؟ بالطبع لا، فهناك عدد من الصعب إحصاؤه من الخبرات المخلصة الوطنية والعثور عليها في متناول البحث، هناك من يحرص على عدم تجميل القبيح ولا تسويق المتردية والنطيحة.
طرحت مثل هذه الفكرة في أكثر من مرحلة، واحدة منها كانت في أواخر التسعينات الميلادية، وهي ليست فكرة جديدة، ولا أدعي أنها من بنات ولا أولاد أفكاري، فهي معمول بها في بلاد مختلفة، وفوائدها في تصحيح المسار والتنبؤات والاحتياطات لا تحتاج إلى أدلة.
لكن الحاجة الماسة في ذلك الزمن الماضي الذي كنت أرى فيه تكون السحب الركامية دعت إلى الطرح، لكنها – تلك الفترة – أحيلت إلى الدائرة البيروقراطية المشغولة بالمعاملات اليومية، والبعيدة عن التفكير المستقبلي، فانتهت إلى مصير لا أعلم منه سوى أنها لم ترَ النور. طبعاً أعتقد أن هناك مثل هذا الفريق موجود شكلياً، و«شكلي» هنا لأنه فريق «موظف» مأسور بشبكة الوظيفة و«شجونها» وحجابها، فالتفكير بالحفاظ على الموقع قد يدفع البعض، أو يدفع الكثير منهم بالضرورة، إلى تجنب الخوض في ما قد يرونه من زاويتهم ومصلحتهم الضيقة خطاً أحمر، ثم مع الاستمرار والتكيف يصابون بعمى الألوان.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.