أين أخطأنا؟

بعد ساعات من غزو قوات صدام الكويت استيقظت دول الخليج العربية على مشهد جديد، مواقف دول عربية «كانت شقيقة إلى أول أمس» وجماعات وتظاهرات منظمة ضدها، وتشفٍّ إعلامي لا حدود له كشف عفناً استوطن القلوب! في تلك الأوقات العصيبة لمع بريق صحوة وعي بحقيقة الواقع السياسي والعلاقات بين الدول، وانهارت جدران الكلمات المنمقة عن العلاقات «الشقيقة»، لكن ويا للعجب! بعد سنوات قليلة من تحرير الكويت وإعادة حكومتها وأهلها لها، عادت «حليمة» إلى عادتها القديمة، وتم تطبيع العلاقات مع الدول نفسها والأنظمة نفسها والرؤوس نفسها، تلك التي كانت لها تلك المواقف المعلنة، عدنا إلى سياسة المجاملة و «حب الخشوم»، واستمرت دول الخليج جرياً على عاداتها في الدعم المادي والسياسي لهذه الدول واسترضاء التنظيمات، مع الغفلة أو التغافل عمّا يتم تجهيزه لها.
كان هناك أمل بصحوة سياسية اقتصادية واجتماعية أيضاً تضع المصلحة الوطنية الداخلية أولوية في كل تفاصيل علاقتها مع هذه الدول وأنظمتها وغيرها من الدول الأخرى، تلك كانت أولوية، لكن لم يحدث شيء من ذلك، ومع مرور الوقت ومعسول الكلام المستهلك عدنا إلى المربع ذاته، وتم التكيّف مع الواقع ذاته.
السؤال لماذا لم نتعلم ما يجب تعلمه من تلك الدروس؟
استهداف السعودية معلن من قبل إيران وعملائها من الميليشيات في العراق أو في اليمن، لذلك لم يكن مستغرباً إطلاق صواريخ باتجاه مكة المكرمة، وهي المرة الثانية بعد صاروخ ضلّ طريقه إلى الطائف.
وهي جرائم لا تنفصل عن جرائم إرهابية، كاستهداف المدينة المنورة بتفجيرات تنظيم داعش الإرهابي، زمرة واحدة، داعش ليس سوى أداة بأيديهم، لكن بلبوس مناسب للتخفي والخلخلة والبلبلة وإيجاد التبريرات دولياً.
وجرائم إيران تجاه السعودية في مواسم الحج وغير الحج موثّقة ومعلنة رسمياً، فهي تستخدم الطائفية مطية، وتحتضن القاعدة الإرهابية، وفي كل مرة تستغل مرتزقة من جنسية «عربية» من عملائها، والحوثي واحد من هؤلاء، رضع الإرهاب من حزب الضاحية ببيروت، وصالح لا يختلف كثيراً، وإن كان أكثر شطارة في المراوغة.
من نافلة القول أن هذه الصواريخ هدفها نفسي، فهذا معلوم، لكنها في الوقت ذاته تخبر عن كمية الحقد الدفين وعمق تجذّر العمالة لخامنئي.
أين أخطأنا؟ ولماذا؟ سؤال الإجابة العملية عليه صارت ضرورة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.