«التسويق» وثوب «الهدر» الفضفاض

ما دام أن مفردة «الهدر» هي التي اعتمدت في أحاديث الرسميين في حلقة «الثامنة» الشهيرة، لنفتح هذا الملف، ولنترك الفساد موقتاً، ملف الهدر، وهو ملف ضخم لا تعلم من أين تبدأ صفحاته، هل نبدأ بالمدن الاقتصادية «العالمية» التي احتاجت ولا تزال للدعم وقروض بمئات الملايين قبل أن تبدأ «وحيدة» منها، أم بجامعات كلفت أضعاف كلفتها الحقيقية، أم بمركز مالي «فريد» من نوعه؟
هذا البارز على السطح لفرط ضخامة حجمه، وغيره كثير يغيب لأنه أقلَّ ضخامة فقط.
لكن كيف تم دخول نفق «الهدر» هذا؟ لعل هنا يكمن المفصل الصغير والحيوي المهم، لقد تم ذلك بالتسويق الممنهج، قدرات تسويق من شخص أو أشخاص «زينت وجملت ومكيجت»، استخدمت كل أدوات التجميل، نفخت الخدود والشفايف، ولمَّعت الأسنان لتبدو أنصع بياضاً، هذه القدرات «التسويقية» أصلها من القطاع الخاص، للتكويش على المستهدف «المستهلك» أو صاحب العمل، وهي تفعل فعلها في القطاع العام المثقل بهمومه والباحث عن «إنجاز» يحتل المشهد الإعلامي، يتطلع لتسليم المفتاح، ولأنه كذلك يستدرج بسهولة. ومع اعتراف «بالهدر» أظهر في صورة اليتيم فلا أب له! مثل بيضة «ديناصور» ساخنة.
هذا عن الهدر القريب للأذهان والماثلة شواهده للعيان، أما الهدر الاستشاري «الخنفشاري» القائم حالياً، فلم يعترف به أساساً. ربما يأتي الاعتراف في وقت لاحق!
وضع حجر أساس مركز الملك عبدالله المالي في العام الذي سقطت فيه سوق الأسهم! بل إن التدشين تم وكُرة الأسهم تواصل الانحدار، وحتى البسطاء وقتها ممن لا يرفلون بترف ونعيم استخدام مكاتب وشركات استشارية عالمية أو محلية كانوا يستغربون الموقع، فهو موقع محشور، وعلى طرق مكتظة أساساً، الابتعاد عنها ليس واجباً بل ضرورة وطنية وحتى إنسانية! وكان المجسّم ضخماً، لدرجة أن الواحد منا فتح فاه من الدهشة. بعد سنة أو أكثر قليلاً بدأ الحديث عن مشكلات التشييد وطبيعة الأرض، لكن «فرد» «الإنجاز» كان قد أطلق رصاصة «الحلم». كيف حدث ما حدث ومن استفاد؟ ولماذا الإصرار وقتها على الاستمرار والضغوط على بنوك وغيرها لبناء مقارها، مع ظهور بوادر «كبر اللقمة»!؟ هذه أسئلة للتاريخ والأمانة.
على الهامش سرت حكاية عن رجل عريق في ملكية وأعمال البنوك أنه اعتذر بذكاء عن بناء مقر للبنك الذي يشرف عليه في موقع المركز المحشور، وشيّد مقراً في موقع آخر، وثبت أنه على صح وأكثر خبرة وحرصاً على مصلحة البنك من الشركات الاستشارية والجهات الحكومية على مصلحة المال العام.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.