تركت ما عزمت على الكتابة عنه بعد قراءة خبر مثير نشرته صحيفة «الوطن» من مراسلها فهد الجهني من بريدة، أعدت قراءة الخبر وفركتُ عينيَّ ثم قرأته مرة أخرى من فرط الإثارة!
والخبر عن شاب – يحاكم حالياً – تمكّن من اختراق موقع صندوق «تنمية» الموارد البشرية المسمى «هدف» 193 ألف مرة، والاستيلاء على 13 مليون ريال، عن طريق تلاعب بالبيانات وفواتير وسالفة عجيبة، الصحيفة كتبت أنه لا يحمل سوى الشهادة الثانوية!
وكأنه – بحسب منطوق الإشارة تلك – يجب أن يحمل شهادة الدكتوراه مثلاً ليستطيع فعل ما فعل، قلت الحمد لله إنه لا يحمل مثلها، وإلا لكان الرقم أكبر، وربما لم يكتشفه ويبلغ عنه أحد إلى يوم يبعثون! والحادثة – إن صحَّت بهذه الكيفية – تبعث على الضحك المجلجل، و13 مليون ريال ليست سوى «طفسة» في حراج «الهدر» الكبير.
حتى الموظف في موقع صندوق الموارد البشرية لا أتوقع أن يدخل للموقع بمعنى يداوم رسمياً «لا أقول يخترق» بهذا الكم الكبير من عدد مرات «الدخول» الرسمي، فكيف بالقسري؟ 193 ألف مرة! وإلا لبادرت إدارة «هدف» للاحتجاج على كلام وزير الخدمة المدنية عن ساعة الإنتاج اليتيمة!
هناك شيء ما، لا أعلم ما هو. فحتى لو كان الشاب «ساكناً» على سطح الموقع أو في البلكونة لما وصل إلى هذا الرقم من عدد الاختراقات، مع العلم أن الصحيفة لم تحدد المدة الزمنية التي حصلت فيها عملية «اللص الظريف»، لكن من المعروف أن علامات الاستفهام الإدارية والمالية على «هدف» نفسه كبيرة منذ إنشائه.
الألطف في الحكاية أن إدارة «هدف» لم تعلم عن الاختراق إلا بعد بلاغ ربما من متضرر أو شيء من هذا القبيل لم يتطرق له الخبر.
إنما من الواضح أن الشاب لديه موهبة مركبة، فهو موهوب تقنياً، وموهوب في الاختلاس بطريقة منظمة ومرتبة، فالأوراق تمام وما حولك أحد، والإنجاز في التوظيف علم في رأسه نار!
وهذا لا شك كفاءة مطلوبة في هذا الزمن «الهدري»، بدلاً من شخصين، ميزتان في شخص واحد، لكنْ هناك عيب بيِّن في تطلعاته، ففي المحصلة من مرات الاختراق والقدرة على التلاعب بالبيانات في الموقع ومواقع شركات مقابل المبلغ الذي استولى عليه «13 مليون ريال» إشارة إلى أنه شاب قنوع يحتاج لتطوير قدراته.