ارتحت كثيراً لنتائج الدراسة التي خلصت إليها هيئة النقل، إذ أعلنت أن 70 في المئة من مركبات الأجرة تتجول خالية من الركاب، وأن ذلك أسهم في ازدحام الحركة المرورية، مبعث الارتياح أن النسبة لم تقع ولو بالمصادفة في خانة الـ 60 في المئة، وهي خانة حشر فيها المواطن، وتعودنا أن تكون نسبة مستخدمة لاتهامه بهذا وذاك.
والمراقب ليس في حاجة إلى دراسة لمعرفة واقع مركبات الأجرة، لا من حيث كثرتها أو تجولها بحثاً عن راكب أو سوء أوضاع الكثير منها.
ويمثل النقل بوزارته العتيدة نموذجاً فريداً، عينة ممتازة لدراسة أعمق تبحث عن سبب التخلف التنموي الذي عشناه ونعيشه، مثل هذه الدراسة لو كتب لها التنفس ستكشف كيف كان بالإمكان عمل الكثير ولم يتم ذلك، وربما تجيب عن السؤال المهم، الذي يقول… لماذا حدث ذلك وهل لذاك الواقع مستفيدون؟ من جانب آخر، قد تكشف الدراسة المقترحة مؤشرات القدرة على الجمود، فحتى الجمود يحتاج إلى قدرات وصلابة وتطنيش، وخصوصاً الإعلام، والصحافة منه على وجه الخصوص لم تترك سبيلاً إلا وأشارت إليه حول معضلة النقل بمختلف تشوهاتها العميقة، التي طالت كل فرد في بلادنا من الرجال الأطفال والنساء.
والنقل العام لدينا تمت خصخصته مبكراً، ولكن على الطريقة المحلية، مثل الشفافية والاستدامية، على سبيل المثال، أثبتت وزارة النقل أن الشركات المساهمة ليست حلاً حقيقياً، ففي العادة يطالب الناس بتحويل هذا القطاع أو ذاك إلى شركة مساهمة «تفيد وتستفيد»، لكن في تجربة شركة النقل الجماعي امتياز استفادت منه الشركة ولم يستفد منه المجتمع، وهي لا تختلف عن شبك على قطعة أرض في موقع مميز، أما في قطاعات النقل المركباتي الأخرى فحدث ولا حرج، أصبحت البلاد محطة تجارب لكل أنواع السائقين التي لا تخطر على البال والباصات والفانات والتفننات النقلية، والحصيلة لو قُيِّمت وقُدِّرت بعناية ومسؤولية اجتماعياً واقتصادياً و«إنسانياً» أقل ما يقال عنها إنها كارثية.