طعم «داعش» الباغية

بعد ثلاثة أيام من تصريح لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قال فيه إن «الوقت قريب جداً لإعلان النصر النهائي على عصابات داعش الإرهابية». أعلن التلفزيون العراقي يوم الخميس رسمياً انهيار كيان داعش الإرهابي، بعد ثلاث سنوات من إعلان قيامه باسم تنظيم الدولة الإسلامية وفي الشهر نفسه.
ومنذ إعلان التنظيم الإرهابي دويلته إلى سقوطه مثل حالاً معقدة من الالتباس والغموض، في النشوء والتمدد واختيار الأهداف، ولم تكن «عملية» تسليم وتسلم الموصل إلا حلقة في دوائر هذا الغموض، ولفت داعش أنظار الإعلام الغربي بقوة في استهدافه الأقليات العراقية من اليزيديين إلى المسيحيين، إذ كان الهدف جلياً للعيان،
لتحطيم نسيج الشعب العراقي بشعارات ومفردات مستدعاة من قاموس التاريخ الإسلامي، من السبي إلى الجزية، فضلاً عن «الخلافة» نفسها، وعلى رغم أن البغدادي في ظهوره النادر لم يقنع أحداً، إذ انكشف تمثيله غير المتقن من الوهلة الأولى، إلا أن الإعلام الغربي وتبعه بعض الإعلام العربي واصل مد يد العون للتنظيم الإرهابي، بالحرص على إطلاق صفة «الدولة»، وجعل اسمها عالياً يتسيَّد ساحات الأخبار، فقد كانت هناك رغبة عارمة لاستيلاد دولة بمواصفات وشعارات محددة، وأهم ركن ظاهر لها هو الصبغة الإسلامية السنية المشوَّهة عمداً. فالسنة في هذه الصورة المراد ترسيخها في الأذهان هم الذين لا يتعايشون مع أحد، يقتلون الضعفاء، ويسبون النساء، ويحرقون الأحياء.
والمثير هنا كيف انطلت هذه الحيلة الخبيثة والمكشوفة على كثير من السذج، حتى رأينا البعض يقف معها تارة ثم يتراجع بعد فترة، وينظر إليها آخر، ويستحلب ثالث تخريجات لجرائمها.
والثابت أن حلم البعض بدولة الخلافة بصورتها التاريخية قد استغلَّ بنجاح في التدمير والتهجير الممنهج وشارك بعضهم فيه، إذ استدرجوا من خلال عواطفهم الحمقاء، وتنظيم داعش الإرهابي لم يوجد ليبقى على رغم شعاره «باقية»، إذ انتهت وظيفته في العراق، وبقيت له وظائف أخرى بالاسم نفسه أو بتغييره.
انهيار داعش في العراق مكسب لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في معركته على السلطة مع عصابات الحشد ونوري المالكي، الذي كان له الدور الكبير في ظهور داعش واحتلاله الموصل، لكنهما من الحزب الطائفي نفسه المدار من طهران، لا يختلفان إلا في الوسائل ونبرة الصوت.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.