كانت السوق السعودي، ولا تزال، معهداً لتدريب العمالة بمختلف مستوياتها المهارية وتخصصاتها. وحتى في المستوى المتوسط للوظائف في القطاع الخاص، كانت السوق مكاناً لتدريب كثيرين جاؤوا من دون خبرة، بعضهم بشهادة حقيقية وآخر بشهادة «نصف كم» مشفوعة بصلة واسطة أو قرابة مدير تنفيذي كبير في القطاع الخاص. وفي ما يتعلق بعمالة خدمات الصيانة، والتشييد تحديداً، تحمّل المواطن ضرراً كبيراً، حتى تعلم كثير منهم الصنعة على حسابه وبحر ماله، ولم يكن هناك جهة رسمية يمكن الرجوع إليها لحفظ الحقوق.
الآن ومع التحول الاقتصادي الذي نعيشه، وحملات وطن بلا مخالف، وتوقعات بانحسار كثير من منشآت التستر التي استقدم أصحابها عمالاً ونثرهم في الشوارع، أو فتح محلات لهم لتصريف بضائعهم، هل يمكن أن نرى تغييراً إيجابياً في استقدام العمالة، بحيث يتم التأكد الفعلي من الدولة المصدرة من تأهيلها في العمل الذي استقدمت من أجله، وبحيث تتحمل البلد المصدرة للعمالة المسؤولية تجاه حقيقة ذلك التأهيل من عدمه. وهل يشترط حداً أدنى من التعليم وخلوّاً أكيداً من السوابق الجنائية.
نمر في مرحلة تحوّل يفترض الاستفادة منها قدر الإمكان، ومحاولة إصلاح أخطاء سابقة، خاصة في الاستقدام الذي تُرك أمره كما قيل «للسوق»، وهي سوق تجارب دفعنا لها ثمناً لا يمكن حصر خسائره، سوق غلب عليها التنفّع والتستر من دون أدنى اهتمام بالمصلحة العامة.
وفي جانب آخر، علينا التحلي بالصبر على أداء المواطنين الشباب الذين دخلوا مهناً ووظائف جديدة عليهم، وعلينا التعامل معهم من خلال هذه المهن والخدمات، فلابد من حدوث أخطاء وقصور، حدث من غيرهم ما هو أكبر منها وتحملناه على مضض سنوات طويلة. فهذا التفهم لطبيعة المرحلة الانتقالية جزء من مساهمتنا في التوطين.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط