مع مؤشرات انتهاء أكبر عملية حرب على الفساد جرت في المملكة في الفندق الفخم الريتز كارلتون، من المهم تقصي الأثر المتوسط والبعيد لهذه العملية الجراحية التاريخية. الأثر القريب يمكن تلمسه، خصوصاً للأجهزة المعنية التي يمكنها الإجابة عن مستوى الفساد في الجهاز الحكومي انخفاضاً أو ثباتاً منذ الإعلان عن الإيقافات وصدور البيان الأول للنائب العام. والانطباع العام أن ما حصل أحدث صدمة لدى من تسوّل له نفسه العبث بالمال العام، إلا أن تأكيد هذا الانطباع لن يجزم به سوى أجهزة رسمية ترصد.
وشخصياً أتوقع أنه ليس كل من زار الريتز خلال الأشهر الماضية متهماً بالفساد، فقد يكون السبب تقصياً وتحرياً لمعلومات حول قضايا متعددة تمت خلال سنوات طويلة وكان على علم بها بحكم وظيفته أو أعماله في تلك الفترة.
ولا شك في أن اجتثاث الفساد ليس بالأمر اليسير إلا أنه ممكن الحد الكبير منه بتحديث الأنظمة مع وضوحها، إضافة إلى رفع درجة الشفافية وفتح مجال أوسع لوسائل الإعلام للنشر وتقصي القضايا والحصول على المعلومات. ومع كبر حجم ونوعية الإجراءات ضد الفساد التي تبلورت في إيقافات الفندق لشهور، لم نر تطوراً في عمل هيئة مكافحة الفساد «نزاهة»، ولا تبتعد عنها أجهزة رقابية أخرى مثل هيئة الرقابة والتحقيق أو ديوان المراقبة العامة. وكنت أتوقع أن نشهد عملاً مختلفاً من هذه الأجهزة أقلّه خلال الفترة القصيرة الماضية لنلمس فارقاً بين أسلوب عملها السابق وبعد إنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد.
على مستوى الأثر المتوسط والبعيد لا شك في أن الريتز كارلتون كان علامة فارقة في الحرب على الفساد وهدر المال العام، فمواجهة الفساد اختلفت تماماً مع تقصٍّ تاريخي لقضاياه التي كان يُعتقد أنها لا تمس، فلم يعد هناك مكان للمقولة السائدة عفا الله عما سلف في قضايا الفساد والتنفع من المال العام.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط