ما يجمـــعنا بالعـــراق شـعباً وأرضاً أكثر مما يفرق بيننا بكثير، وهو من الكثرة بحيـــث تتـــضاءل معه جوانب الفرقة التي لم تكن لولا تغذية الأجنـــبي والطائفي لها، لذلك كان الغزو الأميركي- البريـــطاني لبلاد الرافدين موجـــعاً، ولا يمكن تناسي أنه السبـــب الأول لما آل إليه العراق العربي حتى استــطاعت إيران فرض هيمنتها عليه بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ولم يكن لهذه الهيمنة أن تتم دون موافقة واشنطن.
كانت إيران جاهزة قبل الاحتلال الأميركي بتنظيمات طائفية سياسية ومسلحة، وعملت على استغلال نتائج الاحتلال حتى سقطت الثمرة باردة في حضنها، استطاعت خلال عقد ونصف من التحكم بمفاصل الدولة العراقية وفرض رجالها سواء كانوا شيعة أو سنة، وحين يصرح أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني محسن رضائي، عن سوريا بقوله إن «طهران أنفقت على دعم نظام الأسد في سورية 22 بليون دولار وســتأخذ أضـــعاف ما أنفقـــته»، مضيفاً في كلام موجه للمنـــتقدين داخل الـــنظام الإيراني بــقوله «وبالتالي إذا أعطينا دولاراً واحداً لشخص ما، فإننا سنأخذ ضعفه». لكن كيف سيتم هذا؟ يجيب على السؤال بتشديده على أهمية السيطرة الإيرانية على الصناعة والتجارة في سورية.
طهران تريد استنساخ تجربتها العراقية في سورية، ومن الواضح أنها تحقق تقدماً لتحقيق أهدافها، وكما استطاعت ركوب الثور الهائج في غزو العراق تواصل الاختباء خلف الدب الروسي في سورية.
إن الانفتاح الاقتصادي والإعلامي والثقافي السعودي والخليجي والعربي على العراق أمر مهم ومطلوب وله ضرورة، إنما التحدي ليس في هذا بل في القدرة على حرمان النظام الإيراني من التمتع بثمار هذا الانفتاح، وحتى لا يزهر في حقول نظام طهران.
ولنتأمل في كلام محسن رضائي وهو يمثل «مصلحة» نظام خامنئي حين يقول في التصريح نفسه، «ولو كان النصر يتحقق عن طريق المال، فإن السعودية يجب أن تأخذ بغداد اليوم».
اقول لنتذكر القول العربى– الصيف ضيعت اللبن