تعبِّر الكتب المطبوعة، بما تحتويه من فكر أو فقر، عن الفترة التي تطبع وتنشر فيها، فإذا تكاثرت طباعة كتب جوفاء ثم وجدت قبولاً، كانت أكثر تعبيراً عن أحوال نسبة من أفراد المجتمع الثقافية والاجتماعية، مع ضرورة توفّر شروط، منها أنلا يكون هناك تلاعب من دُور النشر في حكاية الطبعات المتعددة، التي لا تفصل بينها أشهر، يضاف إلى هذا تقارير صحف «مدفوعة» عن الأكثر مبيعاً وتخاطفاً من زوار المعارض، الإعلان عن تعدد «مزيف» للطبعات يحث حتى غير المهتمين بالكتب للبحث عنها، من باب الفضول، وتعبيراً عن الذهنية الاستهلاكية، وتقارير الأكثر مبيعاً أيضاً تساهم في ذلك للسبب نفسه. ولا شك في أن كل ما سبق أصبح هو الطاغي.
لذلك تحول البحث عن كتاب يستحق القراءة والاقتناء إلى عملية أكثر صعوبة، إذ يحتاج إلى تفتيش صفحاته قبل شرائه، مثله مثل سلعة تكتب تاريخ صلاحيتها بحروف صغيرة جداً، ومنذ سنوات طغى حضور المطبوعات أو «الكتب» التي لا تحتوي إلا على إشهار لشخص المؤلف، حتى أصبحت صورته هي الغلاف، وكل مؤلف على طريقته يعرض نفسه، وهو أيضاً يعرض عقله وفكره، إن توفّر شيء منه، ولا يستغرب هذا بعد سنوات طويلة من انتشار خدمات عمل الطالب!
من زاوية التأليف كانت للكتاب قيمة وهيبة عند الكاتب الذي يحترم قراءه، حريص على ما يدونه باسمه، لكن طغيان القشور مع توفر مال للطبع وهوس بالأكثر «شهرة» و«تأثيراً» ضرب هيبة التأليف في مقتل، ولا يمكن منع أحد من طبع كتاب، لأن الرقابة على النشر محددة خطوطها الحمراء، ويمكن أن ينفذ من هذه الخطوط ولا يتصادم معها… الخواء.
إذاً الرقابة تحولت إلى رقابة القارئ ومسؤوليته، هو من يختار، وما يختار يدل على فكره أو ثقافته، فلا تبتئس إذا ما تكاثرت كتب ليس فيها من الكتب سوى «التعليب»، كل ما تحتاجه هو الانصراف عنها.