ليس هناك إحصاء يعتمد عليه لمعرفة حجم عدم الوفاء بحقوق العمالة المنزلية، وبخاصة صرف الرواتب في مواعيدها، لكن من وقائع محددة ولا يمكن تعميمها، شوهت صورة رب العمل أو الكفيل، بمعنى أن أفراداً ظلموا عمالة لديهم فتم تعميم الصورة على الجميع، من هنا استخدمت دول تصدير العمالة هذه الصور للضغط، حفاظاً على حقوق مواطنيها، وهذا من واجبها، لكن من جهتنا، لم تضع وزارة العمل في حسبانها حقوق «رب العمل» عند رفض العمل أو الهرب، وغيرهما مما يحدث في هذه العلاقة.
ولحسم الإشكالات في الرواتب تم الاتفاق بين وزارة العمل و«ساما» على استخراج بطاقة مصرفية للعمالة المنزلية يودع فيها الراتب، لكن هذه البطاقة يجب أن تكون مربوطة بحساب الكفيل ولا تستخرج إلا بموافقته وحضوره، ويوقع «سعادته» على اتفاق فيه ما «لذ وطاب» من الالتزامات لمصلحة البنك.
ومع أن حل «المشكلة» سهل جداً؛ فالأصل أو الهدف أن يتوافر لدى جهة رسمية إثبات صرف الحقوق في وقتها إذا حدث خلاف يتم الرجوع إليه، وكان الإجراء الأسهل هو أن تسهّل المصارف فتح حسابات للعمالة المنزلية، أليس من حق العامل أو العاملة، وهم يعملون وفق الأنظمة ولديهم عناوين ومقيمين في البلاد، فتح حسابات مصرفية؟
الواقع أن المصارف لا ترحب بذلك، لأنها تبحث عن أكبر ربح بأقل كلفة ولا تريد فتح حسابات جارية للعمالة المنزلية ما أمكن ذلك، لهذا اتفقت مؤسسة النقد مع وزارة العمل على ربط إصدار بطاقة العمالة المنزلية بحساب الكفيل المصرفي، حتى يحصل المصرف على مبلغ سنوي مع الضريبة (95 ريال)، ولو فتح المصرف حسابا جاريا لن يستفيد مثل هذه الرسوم ولا يتحقق تنويع لدخله.
الطريف، وعلى الطريقة المصرفية، أن بعض المصارف إذا توافر لديها حسابات جارية للعمالة تغلقها لفتح حساب على الطريقة الجديدة، مستفيدة من عدم وضوح الإجراءات.
النتيجة: أن الدول المصدرة للعمالة حافظت على حقوق مواطنيها، ومؤسسة النقد جلبت مزيدا من الدخل للمصارف، ووزارة العمل أوفت بحقوق العمالة و«فرطت» بحقوق رب العمل.. المواطن!