شكراً عمرو موسى

أكبرت في السيد عمرو موسى أمين الجامعة العربية حرصه على التحدث باللغة العربية في قمة الفرانكفونية، التي عقدت مؤخرا في بيروت، لم ينسَ أو يتناسى عمرو موسى أنه عربي وأمين للجامعة العربية، لم يجامل بل أعطى الحق للغته الأم رغم تمكنه من غيرها، شكل من أشكال الاستلاب التي نراها ونعايشها هو حرص بعض الساسة العرب على التحدث بلغات أخرى في محافل إعلامية يمثلون فيها شعوبهم أو أمتهم، رغم أن كثيرا منهم لا يجيد تلك اللغة التي حرص على التحدث بها، ولعل أكبر مثال يتاح لنا الإشارة إليه لأنه مات!، هو الرئيس أنور السادات فقد كان حرصه على التحدث باللغة الإنجليزية مثار كثير من التعليقات الساخرة وقتها، وشكلا من أشكال التقرب المكشوف ومغازلة الإعلام الأمريكي، بعد أن وضع كل أوراق القضية بين أيديهم، وصارت أمريكا اللاعب الوحيد والمعترف به في هذه القضية، وغيره كثير، بل إن بعض الساسة العرب وفي مؤتمراتهم الصحفية ذات الغالبية العربية من الحضور او تلك التي تكون على هامش فعالية عربية بحتة يجيب بعضهم على أسئة صحافي غربي بلغة الصحفي نفسه، قد يقول البعض إنه حرص على التوضيح والدقة، لكنه شئنا أم أبينا حرص يجانبه الصواب، نجد سياسيين من أمم أخرى، من الصين إلى أسبانيا مرورا بروسيا، يحرصون كل الحرص على استخدام لغتهم الأم في كل محفل، لأن الإصرار عليها ليس دليلا على الاعتزاز والفخر بها فقط بل هو ايضا دليل على الثقة بالنفس والانتماء، لقد أصبحت اللغة العربية في المحافل العربية لغة غريبة على آذان أهلها، في حين استطاع اليهود إعادة الحياة للغتهم المندثرة، كل هذا بسبب التهاون والمجاملة وشعور بعدم الثقة، ولست أتحدث عن أحاديث جانبية، بل عن تلك الكلمات التي تلقى في المحافل والمؤتمرات الاعلامية، وكل كلمة لها وزنها وقيمتها فلم يهرب الأغلبية من لغتهم الأم، حتى ولو قال أحدهم اننا مهزومون وهو صادق في هذا، فالعرب يعيشون مرحلة طويلة من الهزيمة، لكن هذا لا يعني الاستسلام، والاستلاب صورة من صور الاستسلام والانقياد، بعض يراها تمدنا وتحضرا وبعض يتعذر بمخاطبة الناس بلغتهم حتى يفهموا، متناسين أنهم يجب أن يُشعروا الآخرين باحترامهم لانتمائهم اللغوي قبل كل شيء، احترامهم لأنفسهم ولمن يمثلون، حتى يؤخذوا بالجدية والاهتمام المناسب، وبالتالي النظر فيما يقولون وما يحاولون إقناعهم به.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.