سلامة المصلين

مع كل حادث جماعي يبرز الاهتمام بنواحي السلامة، ثم تخفت الأصوات رويداً رويداً، وإذا تفحصت الواقع تجد أن مهمة الدفاع المدني، بصدق، مهمة صعبة وسبب ذلك أن بيئتنا وثقافتنا لم تعط هذا الجانب اهتماماً يذكر فهو مستورد مثل أي بضاعة صنعت في الخارج، فمازالت المدن والحشود حقيقة بعيدة عن أذهاننا، وإذا كان قد تم التطرق كثيراً للمجمعات التعليمية بسبب الحوادث المتكررة، فإنني لا أذكر أن هناك اهتماماً ملحوظاً بسلامة المصلين خصوصاً في المساجد الكبيرة، تلك الجموع المحتشدة في الجوامع في وقت قصير، تخرج وتدخل خلال دقائق، ومع التحسن النسبي الملحوظ في تصاميم عمارة المساجد، الجوامع خصوصاً، إلا أن الاهتمام بجانب السلامة في توزيع المخارج وسهولة الحركة داخل المسجد لا يرتقي إلى الدرجة المطلوبة مقارنة بتزايد أعداد السكان واتساع مساحات المساجد، ولعل من ابسط الأمثلة هو صعوبة نقل مصلّ مسن لأي سبب طارئ من الصف الأول لخارج المسجد والسبب هو الانتظام الكامل للصفوف من الجدار للجدار، فكيف بحادث أو فزع.
وهناك بعض يسير من المساجد وضع فيه ممشى، ممر، جانبي بعرض المتر والنصف تقريباً على جانبي المسجد، من الداخل طبعاً، بحيث لا يصلى فيه بل يترك لأي مضطر للمرور، وهو ما يسهل على الناس الحركة كما يوفر راحة وعدم مضايقة للمصلين بدلاً مما يحدث الآن من تخاطف الناس عليهم وتخطيهم وهم خارجون، وعلى قلة مثل هذه المساجد إلا أنه من الملاحظ وقوع أغلبها في أحياء عمل، تكثر فيها المكاتب والشركات أو أحياء لا يشكل المواطنون نسبة كبيرة من سكانها، ولا أعرف الأسباب، لكن مثل هذه التعديلات أمرها بسيط، وإمكانية القيام بها متيسرة إذا ما توفرت الإرادة لدى الجهة المسؤولة، وهي بالطبع وزارة الشؤون الإسلامية، ولست أعلم إذا ما كان هناك مواصفات معينة للمساجد يجب أن يلزم بها كل مسجد تحت الإنشاء، وإن كنت أشك في ذلك للتفاوت الكبير في البنيان بين المساجد، وهنا لا اقصد التكسيات الخارجية والجمالية بل أعني شروط السلامة، التفاوت الكبير تجده في تحول بعض مداخل المساجد لمتاهات أو لبنيانها في مواقع غير مستوية من دون أخذ عدم الاستواء ذلك بعين الاعتبار، لذلك نجد مساجد بنيت على عجل بل إن البيوت المجاورة والتي تكون في العادة للإمام والمؤذن قد تكون أفضل منها في البنيان، وهذا أمر لا يليق في بلاد الحرمين، وفي الجانب الأخر تجد مساجد في غاية الروعة والبهاء، مداخلها سهلة وميسرة، وهو ما جعلني أتساءل عن دور الوزارة في هذا الجانب، أرجو أن لا يفهم من ما ذكرت أنني أدعو إلى إصدار نموذج لمخطط مسجد فيصبح لدينا نسخ متكررة، بل ما أقصده، هو وضع شروط عامة تحفظ المهابة لبيت الله تعالى وتراعي سلامة المصلين، وتقدر كبار السن منهم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.