من يحمي أموال الناس؟

“نعم.. هناك بطء، والسبب أننا رغبنا في الإسراع، فبدأنا بأسلوب لا يتفق مع التخصيص. لقد خصصنا قبل أن ننشئ الأجهزة الرقابية. المفروض أن تنشأ هيئة الاتصالات قبل التخصيص. وكذلك العملية نفسها في الكهرباء، إذا صدر قرار بهيكلة الكهرباء، وبعده قرار بتشكيل هيئة لتنظيم الكهرباء.
مسارعتنا هذه جعلتنا نضع العربة أمام الحصان، وحصل البطء، المهم اننا تعلمنا من التجربة السابقة وسنسرع في عمليات التخصيص، لدينا بعض البطء في اتخاذ القرار لكن ذلك ناتج عن رغبة شفافة في أن يكون القرار مدروساً وجد حصيف”.
هذا هو نص إجابة معالي وزير المالية على سؤال عن البطء في التنفيذ، وذلك في حوار نشر في أكثر من صحيفة منها “الجزيرة”، ولا يمكن إلا أن أقدر هذا الاعتراف، واعتبره من الشفافية، وكلنا عاصرنا وضع الحصان خلف العربة، خصوصاً في تجربة تخصيص الاتصالات وكتبت عنها في وقتها، حيث كان التخصيص “في تلك الفترة” تغيير لوحات من وزارة إلى شركة!!، وكانت النتيجة شركة مصابة بالصمم والجشع، لم تستطع أن ترضى أحداً، الأهم هنا أن نستفيد مما حصل رغم أنه كان من الأنسب والأفضل لو أننا استفدنا من أول الأمر، خاصة وأن التخصيص ليس بدعة ابتدعناها وتجارب الدول الأخرى ماثلة للعيان، عملاً بالقول الذي طالما تردد، اننا نبدأ من حيث انتهى الآخرون!؟.
الآن هناك قطاعات مستهدفة للتخصيص، وحصص للدولة سوف تطرح للبيع، ويعول على هذا التوجه كثيراً، ما نتمناه أولاً أن تكون هيئة الاتصالات قد قامت على أرجلها بحيث يكون لها دور في الإشراف على طرح أسهم الاتصالات، الأمر الثاني وهو بالغ الأهمية مثل سابقه، وهو أن حصة الدولة في عدد من الشركات المساهمة كانت لدى المواطن عنصر ثقة في مستقبل هذه الشركات وفي شكل ومضمون إداراتها التنفيذية، لذلك توجه الناس وكلهم ثقة للاكتتاب، في المستقبل وعند طرح حصص الدولة في بقية الشركات المساهمة، من الذي سيراقب أعمال هذه الشركات!؟، وهي صارت قطاعاً خاصاً مائة في المائة أو بحصة صغيرة للدولة غير مؤثرة في القرار، إن تجارب العديد من الشركات المساهمة منذ أن بدأ هذا النشاط لا تبشر بالخير والأمثلة كثيرة، ولا أريد أن أنكأ جراح المواطنين الذين ذهبت أموالهم بسبب تعثر هذه الشركات، ومادامت وزارة التجارة قد نفضت يديها من مسؤولية مراقبة أداء الشركات المساهمة بشكل رسمي ومعلن فإن التوجس يسود اذهان المواطنين لما يمكن أن تؤول إليه أموالهم، لقد ثبت بالتجربة أن الجمعيات العمومية للشركات المساهمة لا تكفي وحدها فهي في يد الأقوياء القلة، وسوق الأسهم لازال يعاني من سوء استخدام المعلومات،أليس من الواجب أن يلتفت لهذه القضية فإما أن يوكل الإشراف لوزارة المالية أو لجهة جديدة مستحدثة وحتى لا يصبح لدينا كوكبة من الشركات المساهمة المخصصة المتعثرة وتذهب حقوق الناس.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.