‘جاك… وش قصدك’!؟

أتوقع أن يٌمنح جاك سترو وزير الخارجية البريطاني حق المواطنة العربية الفخرية، نتيجة لاعترافه بمسؤولية بلاده عن بؤر الدم في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها تمكين اليهود من احتلال فلسطين، لابد ان العرب الان في غاية الامتنان لصحوة الضمير المؤقتة هذه، ولهذا فسيكون الرد عفا الله عما سلف، و “ما صار إلا خير يا جاك”، ولأن التصريحات تؤثر فينا كثيرا ونتشعلق بأهدابها فإن سترو سيصبح صديقا للعرب، وللإنسانية، وللعدل، وكل الكلام الجميل الذي لا يساوي شيئا في دهاليز السياسة،.. ألم يعترف بمسؤولية بلاده عن كل هذه المصائب حتى إنه يمكن تسميها بريطانيا المصيبة، سوف يحقق سترو فوائد شخصية من وراء هذا التصريح الومضة، بل لابد ان البعض بدأ يفكر ان “جاك” مرشح ممتاز للحكومة المقبلة هناك، البعض قد يعتقد انه على وشك الاستقالة!، لقد تعودنا من الساسة الغربيين المتقاعدين والقابعين في الظل مثل هذه الومضات التي قد تفتح أبوابا من العلاقات المفيدة على الجانب الشخصي، مهما كان دافع سترو لذلك الاعتراف الذي قد يعتذر عنه اليوم أو غدا وقد يقول ان المجلة حرفت حديثه، مهما يكن الدافع، فإن المؤكد ان الوزير البريطاني على يقين ان العرب لن يستفيدوا من مثل هذا الاعتراف فهم قد لا يقرأونه وإن قرأوه سيتعاملون معه كما اسلفت في بداية هذا المقال، هو يعرف جيدا ان العرب يختلفون اختلافا كبيرا عن أبناء عمومتهم اليهود الذين جعلوا من الساميين اعداء لسامية مشكوك فيها!، تصوروا لو ان هذا الاعتراف يتناول شأنا يهوديا صهيونيا… صريحا، ماذا يمكن ان يحدث؟، أجزم ان سترو ومعه حكومته سيدفعان ثمنا كما يدفع الالمان الثمن حتى الآن لليهود، لكننا لا نستطيع الاستفادة أو لا أحد يريد، نحن أضعف وأكثر هونا من استثمار ذلك، حتى أنه لم يصدر اي رد فعل رسمي من اي دولة عربية.
لابد ان الامتنان يملأ المكان. يعترف سترو بهذه المسؤولية وهو يشارك.. تابعا مثل ظل، في إمبريالية جديدة اتت هذه المرة بثوب محاربة الإرهاب، يأتي في ظل أمريكا هذا الذي يقول إن بلاده أخطأت في زمن مضى؛ سحق نتيجة لهذه الأخطاء عشرات الآلاف من البشر وشرد الملايين بعد ان ضاعت حقوقهم، وتم تصدير الملايين من أوروبا ليحلوا على أرضهم.
لكن مهلا..!؟،
نحن كالعادة قرأنا هذا التصريح بعاطفة..، لنرجع ونقرأه بعناية، سنجد أنه لم يحدد اين كان الخطأ الذي مارسته امبريالية بلاده في الماضي!؟، ومن كان المتضرر؟، وهذا أمر مخيف!!، فهل هو يا ترى يشير إلى نية الامبريالية القديمة مع الجديدة “لإصلاح” هذا الخطأ بما يسمى الحملة على الإرهاب!؟،.. وعلى حساب من سيكون!؟.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.